في رياض السنة من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية الشرعية والتحصن من كل شر وضرر

في رياض السنة من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية الشرعية والتحصن من كل شر وضرر


عن عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه نفث في يديه وقرأ بالمعوذات ومسح بهما جسده) متفق عليه وفي رواية أن النبي صلى اله عليه وسلم كان إذا آوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما اقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات).متفق عليه هذا الحديث الشريف بروايتيه: الرواية الأولى لام المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها وهي من هي في علمها وفضلها وقربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي التي تلقت عنه نصف الدين وتلقاه عنها أصحابه رضي عنهم وأرضاهم والرواية الثانية للصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه وهو أيضا كان ملازما لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قلما كان يخرج من المسجد إلا لضرورة، هذان الروايتان لهذا الحديث تبينان جانبا من هدي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تشتد الحاجة إلى بيانه ونشره بين الناس خصوصا في هذا الزمان الذي كثر فيه الأدعياء من المتطببين المعالجين حسبما ما يدعون بالقرآن الكريم!! * والعلاج بالقرآن أو ما يسمى بالرقية الشرعية لابد من الوقوف عنده لبيان حده الذي لا ينبغي أن يحيد عنه. والقرآن الكريم شفاء لكثير من العلل والأمراض بالخصوص النفسية منها والمعنوية يقول جل من قائل (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين). * وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المجال مثل غيره واضح جلي بين يرفع أيدي الأدعياء الذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا ويستغلون ما يعانيه الكثير من الناس من علل وأمراض ومشاكل ومصاعب تجعلهم يقرعون كل باب مؤملين عن حسن نية في أن يحصل لهم الشفاء وتعود لهم العافية فتطمئن قلوبهم وتذهب عنهم الأوهام والمخاوف التي جعلت من حياتهم جحيما لا يطاق وان كانوا في الحقيقة والواقع غير معذورين في الارتماء بين أحضان هؤلاء الأدعياء الدخلاء المتلاعبين بعقول الناس والمستغلين لأموالهم بغير وجه مشروع. كان على هؤلاء المصابين المبتلين أن يتثبتوا وان يسألوا أهل الذكر عن ماهية الرقية الشرعية والعلاج بالقرآن الذي قلنا إنه حق وصريح في كتاب اله العزيز وفي هدي سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. * فالأمراض والعلل النفسية عديدة كثيرة وما يصاب به الإنسان من عين والعين حق وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر) وكذلك الحسد وهو واقع معيش في حياة الناس فهنالك من هم أصحاب أنفس شريرة لا تحب الخير للناس ولأجل ذلك نجد هؤلاء يفعلون كل ما في مقدورهم من اجل زوال نعم الله على عباده وقد ذكر ذلك في القرآن حيث قال جل من قائل (ومن شر حاسد إذا حسد) وكذلك هناك السحر ومجاله النفس وهو عبارة عن تخيلات وأوهام تجعل من حياة المسحور جحيما فيحل الاضطراب والوهم محل الاستقرار والتوازن والطمأنينة وأساليب السحرة عديدة منها النفث في العقد يقول جل من قائل في سياق الاستعاذة بالله (ومن شر النفاثات في العقد) فكل هذه العلل والأمراض النفسية والمعنوية هي اليوم في انتشار كبير بين مختلف فئات المجتمع تستوي في ذلك الفئات الضعيفة والمتوسطة والرفيعة الشأن ماديا ومعنويا. فهؤلاء لضعف زادهم العلمي الديني ولضعف صلتهم بربهم بحكم انشغالهم الكلي بالدنيا فهي اكبر الهم ومبلغ العلم بالنسبة للكثير منهم كل ذلك وغيره يجعلهم لقمة سائغة لهؤلاء الأدعياء الذين يذهب البعض منهم إلى حد ادعاء علم الغيب والعياذ بالله والتسليم لهم بذلك كفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أتى كاهنا أو عرافا فقد كفر بما انزل على محمد). * وفي سبيل أن يحصن رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم ضد كل استغلال وتلاعب بعقله أو ماله أو عرضه أرشده إلى الرقية الشرعية التي يمكنه أن يقوم بها بنفسه فيرقي نفسه ويرقي ولده وغيره. ولكن هذه الرقية لا تكون إلا بسور القرآن الكريم وبالمأثور من الأذكار والأدعية الشرعية وبالنية الصادقة الخالصة وبالثقة الكاملة في الله يحصل بإذن الله الشفاء من الأمراض والعلل النفسية والمعنوية ويمكن أن نطلب من نثق في دينه وخلقه وعلمه أن يرقينا بما هو معلوم من الرقى الشرعية الواضحة الجليلة التي لا يمكن أن تكون من الكلام الغريب المستعجم الأقرب إلى الطلاسم قال الإمام مالك (وما يدريك أنها كفر). * وفي هذا الحديث بروايتي كل من السيدة عائشة وأبي هريرة رضي الله عنهما بيان لما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ليلة عندما يأوي إلى فراشه، وهو هدي قويم نحن مدعوون إلى الاقتداء به فيه والعمل بمضامينه ففي ذلك الخير كل الخير والسلامة كل السلامة وفي ذلك الحصانة ضد كل شر وضرر من عين وحسد وسحر وغير ذلك، وفي ذلك بإذن الله الشفاء والعافية من كل داء وعلة ومرض بالخصوص النفسي والمعنوي منها. * والسور الثلاث (الإخلاص والمعوذتان)(قل هو الله احد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس) هذه السور كلها توحيد وعقيدة سليمة صحيحة، فالله وحده هو الحافظ وهو وحده الشافي والمعافي وهو وحده القادر عن أن يذهب عن عباده كل شر وضرر. * والاستعاذة هي الاحتماء بالله والاستنصار به والتوكل عليه والطلب منه والرجاء فيه وكل ذلك دعاء، والدعاء مخ العبادة وقد وعد الله عباده بإجابة دعائهم (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) ولأجل ذلك فان كيد الكائدين من العائنين والحاسدين والساحرين مردود في نحورهم بإذن الله فإذا فعل ذلك المسلم كل ليلة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يأوي إلى فراشه فهو بإذن الله في حماية الله وفي حراسته وفي نصرته وفي حفظه وفي لطفه لا يناله بإذن الله أي مكروه لا في نفسه ولا في أي جزء أو عضو من جسمه، ولأجل ذلك جاء في الروايتين للحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع كفيه وينفث فيهما ويقرا قل هو الله احد وأعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده فهو بإذن الله مشفي معافى وهذه هي الرقية الشرعية التي تشفينا من الأمراض والعلل النفسية والمعنوية وتحفظنا من كل مكروه يدبره لنا الكائدون الماكرون الحاسدون، مما هو مخبأ علينا ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظنا من شر ما في الغيب وما أكثر ما هو مغيب عنا لا نراه جاء في الرواية الثانية لهذا الحديث (ثم مسح بهما أي بكفيه ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما اقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات). إن في هذا الهدي النبوي من الرقية الشرعية والعلاج الصحيح بالقرآن ما يغني عن ارتياد عيادات الأدعياء المتاجرين بالقرآن الذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا. فالعلاج بالقرآن إنما يكون من تقي يخاف الله ويراقبه بعيدا كل البعد عن الغرور لا يزكي نفسه وإنما يعلن لمن يقصده أن الشافي هو الله وان الرقية الشرعية إنما هي مجرد سؤال وطلب من الله الذي أمر عباده بأن يدعوه ووعدهم كرما منه وجودا بأن يجيب دعاءهم وهل يجيب الله إلا دعاء المتقين؟ والتقوى ليست بالتمني أو بالتحلي والادعاء، والتقوى سلوك قويم وخشية حقيقية لله تجعل من صاحبها يراقب الله فيمن يحسنون به الظن ويأتونه طالبين الرقية فحرام على الأدعياء أن يأكلوا أموالهم بالباطل وحرام عليهم أن يستغلوا أوضاعهم وظروفهم النفسية.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.