في رحاب القرآن: تفسير الآيتين 46 و47 من سورة الأحزاب (وبشر المؤمنين... أرجى آية في كتاب الله)

في رحاب القرآن: تفسير الآيتين 46 و47 من سورة الأحزاب (وبشر المؤمنين... أرجى آية في كتاب الله)


يقول الله تبارك وتعالى: “يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا”. صدق الله العظيم الآيتان 46 و47 من سورة الأحزاب هذان الآيتان من سورة الأحزاب وهما من الآيات العديدة في كتاب الله العزيز التي تذكر بما منّ به الله على امة الإسلام ببعثه سيد الأنام سيدنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام. والخطاب في الآية الأولى (أي الآية السادسة والأربعين) (يا أيها النبي...) من الله تبارك وتعالى لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وهذه المخاطبة فيها التكريم وفيها التبجيل وفيها الإجلال وفيها التقدير. ولم يخاطب الله تبارك وتعالى سيدنا محمدا عليه الصلاة والسلام بإسمه مجردا وذلك في كل المواضع التي خاطبه فيها ربه في القرآن الكريم، فلا نجد في القرآن يا محمد أو يا أحمد بل خوطب بيأيها النبي ويا أيها الرسول ويا أيها المزمل ويا أيها المدثر في حين أن بقية الأنبياء والرسل خوطبوا بأسمائهم المجردة. قال القرطبي (هذه الآية فيها تأنيس للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين وتكريم لجميعهم وهذه الآية تضمنت من أسمائه صلى الله عليه وسلم ستة أسماء ولنبينا صلى الله عليه وسلم أسماء كثيرة وسمات جليلة ورد ذكرها في الكتاب والسنة والكتب المتقدمة. وقد سماه الله في كتابه (محمد واحمد) وقال صلى الله عليه وسلم (لي خمسة أسماء، أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب) وفي صحيح مسلم من حديث جبير بن مطعم وقد سماه الله (رؤوفا رحيما) وفيه أيضا عن أبي موسى الأشعري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء فيقول (أنا محمد واحمد والمقفى والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة) انظر الصفحة 200 من الجزء الرابع عشر من الجامع لأحكام القرآن. قوله تعالى (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا...) على أمته (امة الإسلام) بما بلغه إليها مما أوحى له الله إليه من هدي تضمنه الكتاب العزيز الذي جاء به (القرآن الكريم) وهو المعجزة الخالدة لقد كان عليه الصلاة والسلام شاهدا بلغ الرسالة وأدى الأمانة، دعا الأقارب والأباعد، دعا سرا وجهارا، دعا إلى الله، إلى توحيده وعدم الشرك به (قولوا لا اله إلا الله تفلحوا) لا اله إلا الله هو ما قاله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وذلك هو ما قاله كل الأنبياء عليهم السلام. لم يرضخ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لا لإغراء ولا لترهيب مضى في سبيله بإصرار (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن اترك هذا الأمر ما تركته) وبعدما بلغ الرسالة وأدى الأمانة ولما نزل عليه قول الله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) قال يوم الحج الأكبر ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد. ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب، بلغ عليه الصلاة بقوله البليغ وبلغ عليه الصلاة بفعله القويم السليم، بلغ بسيرته العطرة فقد جعله الله أسوة وقدوة وقال للمؤمنين (ولكم في رسول الله أسوة حسنة) وقال جل من قائل (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله). قوله تعالى (ومبشرا) للمؤمنين به من اتبعوه واهتدوا بهديه بالبشرى العاجلة والآجلة قال تعالى (لهم البشرى في الحياة الدنيا) وهي مظهر من مظاهر رضوان الله على عباده المؤمنين ولهم البشرى في الآجل في الدار الآخرة بأن يدخلهم ربهم جنانه. (ونذيرا) لمن كفروا به واعرضوا عما جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وسلام من هدي حيث كفروا واعرضوا عن ذكر الرحمان وأصروا على ضلالهم هؤلاء أنذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من عذاب النار. (وداعيا إلى الله بإذنه) تلك هي مهمة ورسالة سيدنا محمد عليه السلام وكل الأنبياء من قبله وهي الدعوة إلى الله التي هي أحسن الأقوال قال جل من قائل (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين) لقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذن الله وعلى بصيرة فكانت دعوته مسددة موفقة وكانت دعوته خيرا كاملا شاملا وكذلك ينبغي أن يكون مسلك كل من يدعون إلى الله كما ينبغي أن تكون هذه الدعوة خالصة وعلى بصيرة. قوله تعالى (وسراجا منيرا) قيل هاديا من ظلم الضلالة وصفه بالإنارة لان من السرج ما لا يضيء. عن عكرمة عن ابن عباس قال لما نزلت (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ومعاذا فقال (انطلقا فبشرا ولا تعسرا فانه قد نزل علي الليلة آية (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا-من النار- وداعيا إلى الله قال شهادة أن لا إله إلا الله –بإذنه-بأمره- وسراجا منيرا قال القرآن وقال الزجاج: سراجا أي وذا سراج منيرا) انظر الصفحة 201 من الجزء الرابع عشر من الجامع الأحكام القرآن. قوله تعالى (وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا) قال ابن عطية قال أبي رضي الله عنه هذه أرجى آية عندي في كتاب الله تعالى لأن الله عز وجل قد أمر نبيه أن يبشر المؤمنين بان لهم عنده فضلا كبيرا وقد بين الله الفضل الكبير في قوله تعالى (والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم وذلك هو الفضل الكبير). فالآية التي في هذه السورة خبر والتي في حم عسق تفسير لها) انظر الصفحة 202 من الجزء 14 من الجامع لأحكام القرآن.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.