في رحاب القرآن: أنزل الله القرآن تذكرة لمن يخشى

في رحاب القرآن: أنزل الله القرآن تذكرة لمن يخشى


يقول الله تعالى “طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى الرحمان على العرش استوى له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وان تجهر بالقول فانه يعلم السر وأخفى الله لا اله إلا هو له الأسماء الحسنى” الآيات من 1 إلى 8 من سورة طه بينا ما صاحب نزول هذه السورة كما توقفنا عند بعض المعاني الواردة في قوله تعالى (طه) ونواصل على بركة الله بقية المعاني الواردة في بقية الآيات. * قوله تعالى (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى). والشقاء هو العناء والتعب وبذلك يكون المعنى هو أن الله ما نزل عليك (يا محمد) لتتعب وهذا التعب متأت من أسف رسول الله صلى الله عليه وسلم على عدم إيمان من دعاهم إلى الإسلام فلا ينبغي لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحسر ومثل هذا المعنى ورد في قوله تعالى (فلعلك باخع نفسك على آثارهم) فما على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يدعو ويذكر والهداية هي من الله. روي إن أبا جهل والنضر بن الحارث قالا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك شقي لأنك تركت دين آبائك فجاء الرد من الله تبارك وتعالى بان دين الإسلام وهذا القرآن هو السبيل لكل خير وما عليه الكفار هو الشقاوة وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالليل حتى تورمت قدماه فقال له جبريل: ابق على نفسك فان لها عليك حقا أي ما أنزلنا عليك القرآن لتنهك نفسك في العبادة وتذيقها المشقة الفادحة وما بعثت إلا بالحنفية السمحة قاله القرطبي عند تفسيره لهذه الآيات. * قال جل من قائل (إلا تذكرة لمن يخشى) أي انزل الله هذا القرآن تذكيرا لمن يخاف ويخشى قال تعالى (تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلا) هذا القرآن منزل عن عند الله القدير العظيم الشأن خالق الأرض بجبالها الراسية ومحيطاتها الواسعة وما بث فيها وخالق السماوات ذات الطبقات والمجرات المليئة بالكواكب والنجوم وهل يخلق ذلك إلا عظيم، على كل شيء قدير؟ ومن هذه القدرة إنزاله لهذا الكتاب العزيز القرآن الكريم أعظم المعجزات وأبقاها وأخلدها والدليل القاطع على نبوة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي ختمت ببعثته النبوات والرسالات. * قال تعالى (الرحمان على العرش استوى). قال الشيخ أبو الحسن (الأشعري) إن الله مستو على عرشه بغير حد ولا كيف قال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد خلق ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة وما بعد القيامة. * قال تعالى (له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى) الكل لله ما في السماوات وما في الأرض فهو الخالق وهو الرازق وهو الموجد وهو المعطي وملكية سوى الله ملكية مجازية (قل كل من عند الله) فالمال وغيره كله لله (انفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) وقد جاء في الحديث القدسي (المال مال الله والأغنياء وكلاء الله). * (وما تحت الثرى) يعلم الله تعالى تبارك وتعالى ما تحت الصخور، يعلم سبحانه وتعالى دبيب النمل في الحجرة الصماء في الليلة الظلماء لا تغيب عن علم الله صغيرة ولا كبيرة. * قال تعالى (وان تجهر بالقول فانه يعلم السر وأخفى) قال ابن عباس السر ما حدث به الإنسان غيره في خفاء وأخفى منه ما اضمر في نفسه مما لم يحدث به غيره، كما روي عن ابن عباس: السر حديث نفسك وأخفى من السر ما تحدث به نفسك مما لم يكن هو كائن أنت تعلم ما تسر به نفسك اليوم ولا تعلم ما تسر به غدا والله يعلم ما أسررت اليوم وما تسره غدا يقول القرطبي الله يعلم السر وأخفى من السر. * يقول تعالى (الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى). فلقد دعا رسول الله المشركين إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له فكبر ذلك عليهم فلما سمعه أبو جهل يذكر الرحمان قال للوليد بن المغيرة: محمد ينهانا أن ندعو مع الله إلها آخر وهو يدعو الله والرحمان فانزل الله تعالى (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان أيا ما تدعو فله الأسماء الحسنى) صدق الله العظيم أورده القرطبي في الصفحة 170 من الجزء الحادي عشر من التفسير.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.