سلسلة ذكريات فرنسا 7 : الخطاب الديني المطلوب في فرنسا (عرض لتجربة)

سلسلة ذكريات فرنسا 7 : الخطاب الديني المطلوب في فرنسا (عرض لتجربة)


تكثفت في السنوات الماضية حركة ترددي على فرنسا فلم يعد الامر مقتصرا على المواسم الدينية (رمضان والمولد وغيرهما ) بل اصبحت لايكاد يمر الشهر دون ان أشارك في نشاط من الانشطة الدينية والثقافية التي تشهدها المدن الفرنسية وتنظمها الهيئات والمنظمات الاهلية ومنذ ان تفرغت كليا للعمل الديني بداية من سنة 2005 تيسر لي ان أستجيب لما لا يزال يصلني من الدعوات لالقاء الدروس والمحاضرات والمشاركة في الملتقيات والندوات واستجيب لما يعرضه علي القائمون على المساجد من القاء خطب الجمعة.

وهكذا خطبت الجمعة في عديد المدن الفرنسية من جنوبها الى شمالها في (مرسيليا) و(تولون) و(كان) و (ليون) و(كراي) و(ايفري) و(سفرون ) فضلا عن مساجد منطقة باريس وضواحيها في (سان دني في مسجد بلال والمسجد الجديد) وفي (فوبور سان دني في مسجد علي) وفي ( بورت مونتراي في مسجد الاصلاح) كل هذه المساجد وغيرها استجبت لطلباتها بكل تلقائية وبدون ادنى تردد كلما صادف ان ادركتني الجمعة وانا هناك بل لقد مددت اقامتي في فرنسا عديد المرات من اجل ذلك نظرا لحاجة المساجد في فرنسا الى الائمة.

وكثيرا ما شعرت بالحرج الشديد لعدم استطاعتي تلبية طلبات الملحة التي اتلقاها لقد استجبت في حدود الامكان والطاقة معتبرا ان ذلك واجبا وهو في الان نفسه شرف ينالني وينال بلادي وينال الزيتونة (الكلية الزيتونية التي تخرجت منها وتتلمذت على البقية الباقية من شيوخها والذين منهم الشيخ الحبيب المستاوي رحمه الله الذي هو الوالد والاستاذ) فالزيتونة اقترن اسمها بتونس لم تذكرا الا متلازمتين والتي ظلت رمزا للسماحة والاعتدال والتنوير والتحرير كان يمكن ان يكون لها دور اكبر واوسع في المرحلة التي يمر بها المسلمون.

وذلك لاعتبارات موضوعية تاريخية وبشرية وجغرافية وغيرها ولكنها الفرصة الضائعة التي ليست وحيدة وياللاسف الشديد ففي خطب الجمعة التي القيتها في المساجد الفرنسية والتي تضمن البعض منها السفر الذي جمعت فيه بعضها ويحمل عنوان (السلوك القويم في الاسلام) تطرقت الى مواضيع رايت انه من الضروري ان أبين فيها هدي الاسلام وهي ذات صلة بظروف المسلمين في فرنسا بالذات والغرب بصفة عامة وأوضاعهم في الاسرة والمجتمع الذي يعيشون فيه ومايتطلبه ذلك من ضرورة الوفاء لمقاصد الاسلام التي هي خير كلها للمسلم ولغير ه ممن يعيش معهم.

وركزت في هذه الخطب على بيان ان دين الاسلام هودين التعايش في أمن وسلام في تسامح وهو دين تكريس كرامة الانسان واحترام حقوقه الاساسية والتي منها حقه في الحياة وحقه في المساواة وحقه في العدل وحقه في الحرية (حرية المعتقد وحرية الراي والتعبير...) وحرصت في هذه الخطب على بيان منزلة العلم والعمل وهما ركيزة كل تقدم وتحضر وان الاسلام يدعو المسلم الى الاخذ بالاسباب لتغيير ما به وبينت منزلة المراة في الاسلام وما اعطاه لها من حقوق وغيرها من مواضيع الساعة.

وأخذت المواسم الدينية واركان الاسلام نصيبها من البيان لاسرارها وما ينبغي ان تتركه في سلوك القائم بها من اثر ايجابي يجعل المسلم نموذجا للخلق الكريم وهو بذلك يقدم الاسلام في صورته الحقيقية الجميلة وهي لعمري ابلغ دعوة للاسلام لقد القيت هذه الخطب التي اعتبرها نموذجا للخطاب الديني المطلوب هناك (في فرنسا) وحتى هنا امام جمهور عريض لا اقول انه بالمئات بل بالالاف تفاعل معها وابدى الارتياح الكبير لما تلقاه وه وسمعه مني جازاه الله خيرا.

والحقيقة والواقع انني استعد الاستعداد اللازم عند اعداد هذه الخطب واقدر أهميتها وضرورة أن يخرج منها من يشهدها بفوائد تعينه في ترشيد سلوكه في مختلف جوانب حياته الخاصة والعامة لقدحرصت على ان تكون هذه الخطب تجمع ولاتفرق وتحبب ولا تبغض وتيسر ولاتعسر وتبشر ولاتنفر والحمد لله فان الاستدلال على ترسيخ هذه الخصائص نجد عليه بسهولة ويسر كبيرين عشرات الادلة من النصوص المحكمة في كتاب الله وسنة رسوله وسيرته العطرة عليه الصلاة والسلام واراء واقوال العلماء من السلف الصالح وادعو الله ان اكون قد وفقت في ذلك وان يكون ذلك الجهد الذي بذلته خالصا لوجه الله انها تجربة انطلقت فيها بصفة فردية لم تقف فيها وراءئ اية جهة.

وكان التفاعل فيها تلقائيا بيني وبين الجالية المسلمة في فرنسا فالحمد لله أولا واخرا بقي لي ان أنوه في خاتمة هذه الدفعة الاولى من ذكريات فرنسا بمبادرة قمنا بها منذ سنوات انطلقت من مسجد يشرف على جمعيته السيد البكاي مرزاق في منطقة (سفران ) ويتمثل في اقامة احتفال سنوي كبير يكون في احد الربيعين ربيع الاول او ربيع الثاني (ذكرى المولد التبوي) ويقام في قاعة مغطاة تضعها السلطات على ذمة الجمعية ويدعى لهذا الاحتفال الجميع الائمة والنشيطون في المجال الديني في منطقة باريس وحتى من خارجها وتدعى العائلات مصحوبة باولادها صغارا وشبانا ويمتد الاحتفال طيلة يوم ونصف (مساء السبت ويوم الاحد) ويشتمل البرنامج على مداخلات غير مطولة وانشاد تؤمنه فرق مدح وسماح وتقام المسابقات العلمية والفكرية وتسند الجوائز وتقدم الاطعمة والاشربة.

وموضوع هذا اللقاء السنوي هو ترسيخ صلة حب المسلم لنبي الرحمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام والتعريف بمكارم اخلاقه عليه الصلاة والسلام فهو الاسوة والقدوة و باتباعة تتحقق للمسلم محبة الله (قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) لقد نجحت هذه المبا درة التي جاءت في اطار الرد العملي على حملات الاساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم التي انطلقت بالرسوم الكاريكاتورية وماتبعها واصبحت هذه الندوة المباركة موعدا سنويا يجتمع فيه المسلمون لمزيد التعرف على سيرة رسولهم الكريم عليه الصلاة والسلام العطرة فهوالرؤوف الرحيم بالمؤمنين وهو الرحمة للعالمين ولنجاح هذه المبادرة التي انخرطت فيها عديد الاطراف مساجد وجمعيات وزوايا وطرق صوفية فضلا عن اساتذة جامعيين افاضل فرنسيين مسلمين (من امثال داود قريل وعبد الله بنو وعبد السلام لدوز وغيرهم فضلا عن اساتذة مقيمين في فرنسا من تونس والمغرب والجزائر..

وكان لي شرف المشاركة والمتابعة لهذه المبادرة التي نجحت ايما نجاح ونسجت مدن فرنسية اخرى على منوال مد ينة ( سفران) في اقامة مثل هذا الاحتفال و التي لهاو لجمعية السيد البكاي مرزاق فضل السبق ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).

والى ذكريات اخرى في فرنسا في نعرف فيما ياتي منها ببعض المهتدين الى الاسلام من الاساتذة والباحثين



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.