خاتمة كتاب أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك للإمام أحمد بن محمد بن أحمد الدردير رحمه الله (1127هـ/1201هـ)

خاتمة كتاب أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك للإمام أحمد بن محمد بن أحمد الدردير رحمه الله (1127هـ/1201هـ)


الشيخ أحمد الدردير من كبار علماء المالكية الذين جمعوا بين الشريعة والحقيقة، شيخ المالكية ومفتيها بمصر كانوا يسمونه مالك الصغير من مؤلفاته: شرح مختصر خليل (اقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك)، والتوجيه الاسني بنظم أسماء الله الحسنى وتحفة الإخوان في آداب أهل العرفان بالإضافة إلى رسائل في التصوف. ومطلع نظمه لأسماء الله الحسنى: تباركت يـا الله ربي لك الثناء فحمـدا لمولانـا وشكـرا لربنـا بأسمائك الحسنى واسرارها التي أقمت بها الأكوان من حضرة الغنى فندعوك يا الله يـا مبدع الورى يقينا يقينا الهـم والكـرب والعنـا كما نظم الخريدة السنية في التوحيد وشرحها حيث ختمها بقوله: وينطوي فـي كلمة الإسـلام ما قد مضى من سائر الأحكام فأكثرن مـن ذكـرها بالادب ترقى بهذا الذكر أعلى الرتب وغلب الخوف على الرجـاء وسـر لمـولاك بـلا تنـاء وجـدد التـوبـة لــلاوزار لا تيأسن مـن رحمة الغفـار وكـن على آلائـه شكـورا وكـن على بلائـه صبـورا وكـل أمـر بالقضاء والقـدر وكـل مقـدور فما عنه مفـر فكـن لـه مسلما كـي تسلما واتبهع سبيل الناسكين العلمـا وخلص القلـب من الاغيـار بالجد والقيام فـي الأسحـار والفكـر والذكر على الـدوام مجتنبـا لسـائـر الآثــام مـراقبـا لله فـي الأحـوال لتـرتقـي معالـم الـكـرام وقـل بـذلّ رب لا تقطعني عنـك بقاطـع ولا تحرمنـي من سرك الابهى المزيل للعمى واختم بخير يا ارحم الرحمـا والحمـد لله علـى التمــام وأفضـل الصـلاة والسـلام علـى النبـي الهاشمي الخاتم وأهلـه وصحبـه الاكـارم وله صلوات على النبي مرتبة على حروف المعجم مطلعها في حرف الهمزة قوله: اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما في الأرض والسماء وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع الملائكة والأنبياء وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى سائر العلماء والأولياء وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله صلاة تملأ سائر الأقطار والارجاء وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وحققنا بحقائق الصفات والاسماء وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله واجعلنا من الذين أنعمت عليهم من النبئين والصديقين والشهداء وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله صلاة تقينا بها شر الحساد والأعداء. باب في جمل من مسائل شتى، وخاتمة حسنة ختم الإمام أحمد الدردير كتاب اقرب المسالك بخاتمة رائعة نوردها تعميما للفائدة. شكر الله تعالى واجب شرعا، وهو صرف المكلف كل نعمة لما خلقت له ولو مباحا ضروريا كالأكل والجماع، فليس فاعل المباح كافرا للنعمة، فان نوى به خيرا فطاعة بالنية، وحمده تعالى ينبئ عن كونه المنعم اعتقادا أو أقرارا باللسان، أو عملا بالجوارح، فالحامد أعم. فأهل الشكر صفوة الله تعالى من عباده وهم المقربون. ويجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن أفاد، وكف الجوارح عن الحرام، وستر العورة إلا لضرورة فبقدرها، والقلب عن الفواحش: كالحقد والحسد والكبر وظن السوء، والتوبة من ذلك وهي الندم، والعزم على عدم العود وتجديدها لكل ما اقترف، والخوف من الله تعالى والرجاء فيه، وصلة الرحم، وبر الوالدين والدعاء لهما، وموالاة المسلمين والنصيحة لهم، وحرم اذاهم، وكذا أهل الذمة في نفس أو مال أو عرض أو غير ذلك، إلا ما أمر به الشرع من حد أو تعزير لمخالفة أمر الله، والتلذذ بسماع أجنبية، أو امرد أو بالنظر إليهما، أو بسماع الملاهي إلا ما تقدم في النكاح أو بالغناء المشتمل على محرم، واللهو واللعب إلا ما مر في المسابقة وقول الزور والباطل والكذب إلا لضرورة، وهجران المسلم فوق ثلاث ليال إلا لوجه شرعي والسلام يخرج منه. ولا ينبغي ترك كلامه بعد ذلك، واكل كثوم في مسجد أو دخوله لاكله وحضوره مجامع المسلمين. وينبغي للعبد أن يحب لأخيه المؤمن كما يحب لنفسه وهو علامة كمال الإيمان، وأن يعفو عمن ظلمه ويصل من قطعه، ويعطي من حرمه، وان يكرم جاره وضيفه، وليحسن إلى نفسه بما يقيها من موبقات الآخرة ولدنيا متجافيا عن عيوب غيره، ناظرا لعيوب نفسه محاسبا لها عليها، راجيا من الله غفرانها، خائفا من سطوة الله تعالى. (فصل) سن لآكل وشارب تسمية، وندب تناول باليمنى كحمد بعد الفراغ، ولعق الأصابع مما تعلق بها، وغسلها بكاشنان، وتخليل ما بالاسنان مما تعلق، وتنظيف الفم، وتخفيف المعدة، والأكل مما يليك إلا نحو فاكهة، وأن لا يأخذ لقمة إلا بعد بلع ما فيه وبما عدا الخنصر، ونية حسنة كاقامة البنية، وتنعيم المضغ، ومص الماء، وابانة القدح، ثم عود مسميا حامدا ثلاثا، ومناولة من على اليمين إن كان. وكره عبه والنفخ في الطعام والشراب كالكتاب، والتنفس في الإناء والتناول باليسرى، والاتكاء والافتراش، ومن رأس الثريد، وغسل اليد بالطعام كالنخالة، والقران في كتمر، والشره في كل شيء، وقد يحرم. (فصل) سن لداخل أو مار على غيره السلام عليه بأن يقول: السلام عليكم أو سلام عليكم، ووجب الرد بمثل ما قال كفاية فيهما، وندب للراد الزيادة للبركة والمصافحة لا المعانقة، وتقبيل اليد إلا لمن ترجى بركته من والد وشيخ وصالح، والاستئذان واجب إذا أراد دخول بيت يقول: سلام عليكم أأدخل ثلاثا؟ فان أذن له وإلا رجع، وندب عيادة المريض: ومنه الارمد والدعاء له، وطلب الدعاء منه، وقصر الجلوس عنده، ولا يتطلع لما في البيت ولا يقنطه، وندب للعاطس حمد الله وتشميته بيرحمك الله إن سمعه، وتذكير إن نسي، ووجب رده بيغفر الله لنا ولكم، أو يهديكم الله ويصلح بالكم، وندب للمتثائب وضع يده على فيه ولا يعوي كالكلب، وندب كثرة الاستغفار والدعاء والتعوذ في جميع الأحوال، واحسنه ما ورد في الكتاب والسنة ولا سيما عند النوم والموت. ويجوز الرقى بأسماء الله تعالى وبالقرآن، وقد ورد والتميمة بشيء من ذلك، والتداوي ظاهرا وباطنا بما علم نفعه في الطب، والحجامة والفصد والكي إن احتيج له، وجاز قتل كل مؤذ من فأر وغيره، وكره حرق القمل والبرغوث ونحوهما بالنار، والرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. وينبغي أن يقصها على عالم صالح محب. ولا ينبغي تعبيرها لغير عارف بها، ومن رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثا وليقل: اللهم إني أعوذ بك من شر ما رأيت، وليتحول على شقه الآخر، ولا ينبغي قصها. (خاتمة) كل كائنة في الوجود فهي بقدرة الله تعالى وارادته على وفق علمه القديم، ولا تأثير لشيء في شيء ولا فاعل غير الله تعالى، وكل بركة في السماوات والأرض فهي من بركات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي هو أفضل خلق الله على الاطلاق، ونوره اصل الأنوار، والعلم بالله تعالى وبرسله وشرعه أفضل الأعمال، واقرب العلماء إلى الله تعالى وأولاهم به أكثرهم له خشية وفيما عنده رغبة، الواقف على حدود الله تعالى من الأوامر والنواهي، المراقب له في جميع أحواله (إن أكرمكم عند الله اتقاكم). واعلم أن الدنيا دار ممر، لا دار قرار، وأن مردنا إلى الله، وأن المسرفين هم أصحاب النار. فينبغي للعاقل أن يتجافى عن دار الغرور بترك الشهوات والفتور، ويقتصر على الضرورات تاركا لفضول المباحات، شاكرا ذاكرا صابرا مسلما لله تعالى أمره (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه) والنية الحسنة روح العمل، ولربما قلبت المعصية طاعة، وكثرة ذكر الله تعالى موجبة لنور البصيرة، وافضله: لا إله إلا الله، فعلى العاقل الإكثار من ذكرها، حتى تمتزج بدمه ولحمه، فيتنوع من مجمل نورها عند امتزاجها بالروح والبدن جميع أنواع الأذكار الظاهرية والباطنية التي منها التفكر في دقائق الحكم المنتجة لدقائق الأسرار. ومنها التفكر في دقائق الكتاب والسنة، الموصل لمعرفة الأحكام الشرعية. ومنها مراقبة الله عند كل شيء حتى لا يستطيع يفعل المنهي عنه. ومنها طمأنينة القلب بكل ما وقع في العالم من غير انزعاج ولا اعتراض: فيتم له التسليم للعليم الحكيم. ومنها وفور محبة الله تعالى حتى تميل إلى عالم الغيب والقدس أكثر من ميلها إلى عالم الشهادة والحس، فتشتاق إلى لقاء بارئها أكثر من اشتياقها لامها وأبيها، فإذا تم أجلها جازاها ربها بالقبول وحسن الختام، وهيأ لها دار السلام، وناداها ربها: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) دار السلام بسلام (دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين). واسأل الله تعالى أن ينفع به كما نفع باصله كل من قراه أو شرحه أو حصله، أو سعى في شيء منه انه جواد كريم رءوف رحيم. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى ىلهم وصحبهم أجمعين، وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.