تفسير الآية 37 من سورة إبراهيم(1):مكة المكرمة حيث الكعبة المشرفة من سيدنا إبراهيم إلى سيدنا محمد عليهما السلام

تفسير الآية 37 من سورة إبراهيم(1):مكة المكرمة حيث الكعبة المشرفة من سيدنا إبراهيم إلى سيدنا محمد عليهما السلام


يقول الله تعالى: “ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون”صدق الله العظيم - الآية 37 من سورة إبراهيم تبين هذه الآية بعض ما ينبغي أن يعرفه المسلم عن مكة المكرمة حيث الكعبة المشرفة بيت الله الحرام، أول بيت وضع للناس، قبلة المسلمين في صلواتهم وقد كانوا من قبل ذلك يتوجهون بالصلاة إلى بيت المقدس حيث المسجد الأقصى أين اسري بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) ثم ولى الله تبارك وتعالى نبيه ورسوله محمدا عليه الصلاة والسلام والمسلمين قبلة رضيها له ورضي بها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام (فلنولينك قبلة ترضاها، فول وجهك شطر المسجد الحرام..). والى الكعبة بيت الله الحرام يحج المسلمون قال تعالى “ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا”. وهذه الآية “ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم..” جاءت بعد قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن اضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فانه مني ومن عصاني فانك غفور رحيم". وصلة سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام الذي هو أبو الأنبياء عليهم السلام بنبي الإسلام وسيد الأنام عليه الصلاة والسلام سيدنا محمد بن عبد الله صلة وثيقة، فإسماعيل عليه السلام الذي جاء مع أبيه إبراهيم عليه السلام وأمه هاجر هو جد العرب وفي القرآن الكريم وفي دين الإسلام في العقائد والعبادات والمعاملات كثير من التواصل بين ما دعا إليه سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام وما جاء به سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في الدين الخاتم الذي رضيه الله لعباده (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)، لأجل ذلك فإننا نجد في سور القرآن الكريم (في سورة إبراهيم وسورة البقرة وغيرهما) عديد الآيات التي تقص سيرة هذا النبي الكريم وهذا الرسول العظيم سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، إن ما دعا إليه سيدنا إبراهيم هو ما جاء كاملا جليا في دين الإسلام على يدي سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في الآية دعاء بالأمن وما أدراك ما الأمن ودعاء سيدنا إبراهيم وكذلك دعاء كل الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ليس بينه وبين الله حجاب ولأجل ذلك فان ما ينعم به البلد الحرام حيث الكعبة المشرفة حرم الله من امن وطمأنينة هو استجابة من الله لهذا الدعاء العظيم، انه امن وارف فمن دخل بيت الله الحرام واحتمى بحماه فهو أمن من كل خوف (ومن دخله كان آمنا) عهد من الله لا يتخلف على مر الزمان منذ أن دعا سيدنا إبراهيم لذلك المكان فمن حاول أن يروع أهله والمجاورين أهلكه الله ودمره (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول) لقد تعهد الله وعهده لا يخلف-بأن يطعم الجائعين ويؤمن الخائفين ممن يعبدون رب البيت الحرام قال جل من قائل (لإيلاف قريش إلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) وتوعد الله تبارك وتعالى من يرد -مجرد الإرادة والخطرة- بسوء وهو بجوار بيت الله الحرام بأن يذيقه من عذاب أليم (من يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم) وكم كان عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم على صواب وحكمة عندما جاء إلى أبرهة الهاجم على الكعبة بفيلته جاء مستشفعا في إبله التي استولى عليها جيش أبرهة الذي تعجب من عبد المطلب كيف يستشفع في الإبل ولا يستشفع في الكعبة!! أجاب عبد المطلب بقوله: (أنا رب الإبل وللبيت رب يحميه) وقد حمى الله بيته رغم أن أبرهة لم يعقل حكمة عبد المطلب فسعى إلى حتفه من حيث يعلم أو لا يعلم. ذلك هو أمر بيت الله الحرام الكعبة المشرفة، أول بيت وضع للناس والذي لم يكن لإبراهيم الخليل وابنه إسماعيل إلا شرف إقامة الأركان وتطهير البيت للعاكفين والركع السجود ثم الآذان بعد ذلك في الناي بالحج قال تعالى مخاطبا سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق). إضافة إلى الأمن الذي دعا به سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام فانه دعا ربه بأمور أخرى وكلها تحققت ولا تزال قائمة باقية إلى قيام الساعة بعهد من الله وبدعاء من الخليل إبراهيم عليه السلام. وكيف لا تحن أفئدة المؤمنين من المسلمين إلى هذا البيت العتيق، هذا البيت الحرام،وكيف لا يشدون الرحال إلى مكة المكرمة حيث الكعبة المشرفة وقد وعد الله بمضاعفة الأجر والثواب ومحو السيئات والخطايا سواء لمن جاء حاجا أو معتمرا أو من طاف بالبيت وصلى بجواره، فالحج المبرور (ولا يكون إلا إلى بيت الله الحرام) ليس له ثواب إلا الجنة والحاج حجا مبرورا يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، والحج إلى الحج كفارة لما بينهما والعمرة إلى العمرة كفارة بينهما، كما أن ثواب الصلاة في المسجد الحرام هو أضعاف مضاعفة بالنسبة للصلاة في المساجد الأخرى، إذ الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة فيما سواه، ولا تشد الرحال من اجل الصلاة والقيام بعبادة من العبادات إلا إلى المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.