الوقوف اجلالا لعيسى وامه مريم العذراء عليهما السلام شيء والتقليد الاعمى الذي فيه النيل من القيم الاخلاقية شيء اخر

الوقوف اجلالا لعيسى وامه مريم العذراء عليهما السلام شيء والتقليد الاعمى الذي فيه النيل من القيم الاخلاقية شيء اخر


كتب محمد صلاح الدين المستاوي

لايمكن لنا أن لانتفاعل مع ما يجري هذه الايام من حركية في المحيط الذي نعيش فيه اسرا وفضاءات مختلفة في الاسواق وفي المتاجر وفي وسائل الاعلام المرئية والمسموعة وكذلك ولربما أكثر بكثير في الفضاء الافتراضي واعداد من يبحرون فيه لاعد لهم ولاحصر الجميع في حركية هذه الايام يستعدون ويتهياون للاحتفال براس السنة دون أن انعتها بالسنة الادارية تلطيفا اوبالسنة الميلادية تصريحا لانه لا يمكن لنا أن نجردها من هذا النعت اذ هي فعلا سنة ميلادية جديدة نتهيا لولوجها جميعا. 

لاننا بها نضبط كل برامج حياتنا الخاصة والعامة فمرتباتنا وميزانيات كل بلداننا العربية والاسلامية تضبط بمقتضاها ( واتباع التاريخ الهجري بالتاريخ الميلادي أن وقع فهو رمزي غير ذي مفعول) رأس السنة تصحبه حركية نحن فيها تبع لغيرنا الذي هو غالب ماديا ( والمغلوب مقلد للغالب) رأس السنة في الغرب الذي يقول لنا انه فصل بين الدين والدولة حدث كبير تتجمل وتتزين له المدن الكبرى والصغرى وحتى المداشر ان صح التعبير الجميع يستعدون له الجهات الرسمية (بلديات ومجالس جهوية وسلطات).

ويعدون العدة لكي تكون الايام التي تسبق راس السنة اياما مليئة بالحركة بيعا وشراء وباللهو والترويح وتبادل كل مايوطد الصلة بين افراد الاسر والاقارب والاصدقاء والزملاء وكل ذلك يراه ويشاهده الجميع وغيرخاف فيه البعد الديني (المسيحي) ولااحد من حقه أن ينكر عليهم ذلك وهو أن دل على شيء فانما يدل على تجذر الدين ايا كان هذا في اعماق النفس البشرية مهما حاول البعض انكار ذلك. 

وذلك معطى هام لاينبغي تجاهله من طرف اي دارس وباحث جاد ومتجرد الامر عندنا في الاحتفال براس السنة في بلاد العرب والاسلام يكاد لايختلف ويبدو أن الانفكاك عنه اصبح مستحيلا فالظاهرة اليوم كونية ولاسبيل للمسلمين والعرب أن يتقوقعوا ويتجاهلوا ظاهرة الاحتفال براس السنة فتجلياتها اقتحمت عليهم بيوتهم وافتكت منهم ابناءهم وبناتهم وانجرت وسائل الاعلام بكل فضاءاتها للاستجابة لذلك بماتعده لهذه الايام من برامج يغلب عليها الترويح في كل مظاهره وغير المتقيد في الكثير من الاحيان بالقيم الاخلاقية والسلوكية المتوارثة.

ولا أريد أن أتوسع في وصف هذا المشهد فواقعه يعبر عما اشرت اليه ترى ماهو الموقف الذي علينا أن نتبناه تجاه ظاهرة الاحتفال براس السنة في اعتقادي هناك موقفان الأول ديني وهو ما ينبغي أن يعلنه أهل الذكر من العلماء والمتمثل في التذكير بان الاسلام من خلال نصوصه المحكمة (قرانا وسنة وسيرة الاسلاف) يعتبران الانبياء جميعهم هو صفوة خلق الله والمسلم مامور بنص القران أن لايفرق بين احد من رسل الله. 

وان عيسى وامه مريم عليهما السلام لهما في دين الاسلام منزلة ومكانة متميزة ومن هنا فان تحيتهما ومن خلالهما تحية اتباعهما بهذه المناسبة لاضير فيه وهو يندرج ضمن دعوة الاسلام الى التعايش باعتبار وحدة الاصل (يا يها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا). 

وان هذه المناسبة ( راس السنة) هي فرصة لتوثيق عرى الاخوة الانسانية والتذكير بان المشترك بين المؤمنين( مسلمين ومسيحيين) كثير وكثير جدا وهو ما تضمنته وثيقة الاخوة الانسانية التي امضاها في ابوظبي في شهر فيفري 2019 كل من شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان. 

اماالموقف الثاني فهو مايصحب الاحتفال براس السنة ذلك هو الذي يحتاج إلى تقويم وترشيد وتنبيه إلى مخاطر الكثير من مظاهره السلبية المستهدفة للقيم الاخلاقية والروحية فلاينبغي لهذه المناسبة أن تتخذ ذريعة للتفلت من كل القيود الاخلاقية والدينية وارتكاب المنكر من التصرفات وهتك الاعراض لكان هذه الايام والليالي ترفع فيها الاقلام (وكثير من ذلك يقع وياللاسف وهو في ازدياد مضطرد) والاسلام في هذه الناحية لايختلف عن المسيحية.

وكل الديانات تقريبا انه لايسمح لاتباعه أن ياتوا هذه التصرفات الطائشة وغير المسؤولة والتي تتنافى مع ما جاء داعيا ومجسما له رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذا السياق دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم إلى أن لا يكون امعة يقول إذا احسن الناس احسنت وإذا اساؤوا اسات قال عليه الصلاة والسلام( بل وطنوا انفسكم على أن تحسنوا إذا احسن الناس وان لاتسيؤوا إذا اساء الناس) كما حذررسول الله صلى الله عليه وسلم من التقليد الاعمى حين قال (لتتبعن سنن من قبلكم سنة بسنة حتى إذا دخلوا جحر ضب دخلتموه وراءهم).

وهذه هي الحال التي وصلت اليها امته في هذا الزمان وبعض مايا تيه المسلمون بهذه المناسبة(الاحتفال براس السنة) اصدق دليل عليه بالطبع التقليد والاقتداء بالاخر فيما هو مفيد غير داخل ضمن في ما اردنا التحذير منه اذ (الحكمة ضالة المؤمن) هذه المعاني بمناسبة راس السنة هي التي فصلت فيها القول وكانت موضوع خطبة الجمعة في المركب الاسلامي بالبحيرة تونس لهذا الاسبوع



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.