النوادي الأدبية بالبلاد التونسية تعريف بأعلام ورموز الثقافة التونسية في العصر الحديث
“النوادي الأدبية بالبلاد التونسية” كتاب أصدره الأستاذ محمود شمام القاضي سابقا وعضو المجلس الإسلامي الأعلى وذلك في إطار ما عرف به من نشاط علمي متواصل أثرى ولا يزال يثري به الساحة الفكرية والثقافية ببلادنا. وهو معروف بتوثيق كل ما يلقيه من محاضرات وما يساهم به في ما يدعى إليه من ندوات وملتقيات في الداخل والخارج ثم يبادر بالاعتماد على إمكاناته الشخصية بطبع ونشر ما كتبه وألفه حتى تعم بذلك الفائدة. فقد كتب عن أعلام الزيتونة وأعلام الصادقية كما كتب عن إشعاع الفقه الإسلامي على التشريع الوضعي في البلاد التونسية فضلا عما لا يزال مخطوطا ينتظر دوره في الطباعة والنشر. إن في كتاب (النوادي الأدبية بالبلاد التونسية) تعريفا بأعلام ورموز الثقافة التونسية في العصر الحديث لولا هذا المجهود المشكور الذي بذله الأستاذ محمود شمام لظلوا مغمورين منسيين لا يتذكرهم إلا من حظي منهم بالتعرف عليه مباشرة. وطرافة وجدة ما ورد في كتاب (النوادي الأدبية بالبلاد التونسية) يتمثل في الشمول بحيث نجد في هذا الكتاب تعريفا بالنوادي التي تأسست لكي تكون نواد وكذلك تعريفا بتلك التي قامت بدو ر النادي الأدبي ولو كانت مجرد دكان لأحد التجار الذي استطاع إن يستقطب حوله مجموعة من الأدباء والعلماء والشعراء في مجالس دورية تتفاوت في اتساع حضورها وروادها. كما حاول الأستاذ محمود شمام أن يعرف بكل النوادي الأدبية غير مقتصر على نوادي تونس العاصمة وأحوازها لأجل ذلك نجد في هذا الكتاب تعريفا بنوادي تونس العاصمة كنادي نهج الكوميسيون ونادي سوق العطارين ونادي القصبة والنادي الأدبي بمدرسة النخلة ونادي الشيخ معاوية التميمي ونادي جريدة الوزير ونادي باب بنات والنادي الأدبي لقدماء المدرسة الصادقية ونادي الرابطة الأدبية والخلدونية ومؤتمر جمعية طلبة شمال إفريقيا ثم يعرف بنوادي: زهرة الشاطئ بسيدي أبي سعيد ونادي حسين بأي بسيدي أبي سعيد ونادي المرسى والنادي النسائي. ولا ينسى الأستاذ محمود شمام النوادي الأدبية في صفاقس وسوسة والمنستير والقيروان وبنزرت وباجة وقابس ويأتي في تعريفه بنوادي العاصمة وأحوازها ونوادي المدن التي ذكرناها بالطريف المفيد شعرا ونثرا، يأتي بما لا نجده عادة في ما يؤلف ويكتب حول الحركة الأدبية والفكرية وذلك يعود كما قلت إلى ما عرف به الأستاذ محمود شمام من دقة في التوثيق ساعده عليها عمره المبارك أمد الله فيه وكذلك يعود إلى ما يتميز به من بذل وإنفاق في سبيل تزويد مكتبته بكل مفيد. ثم (وهذا هو الأهم) إن الأستاذ محمود شمام من المولعين بالمجالس الأدبية والفكرية لا يتأخر عن حضورها والمساهمة في ما يدور فيها من نقاش علمي مفيد بين الصفوة من رواد هذه النوادي. وقد اتخذ الأستاذ محمود شمام من منزله العامر برادس ناديا أدبيا وفكريا ظلت ترتاده صفوة من خيرة رجال العلم والأدب والثقافة والفقه والقضاء ولم ينس حينئذ الأستاذ محمود شمام أن يعرف بناديه وبقية نوادي مدينة رادس الواقعة في الضواحي الجنوبية للعاصمة والتي سكنتها عائلات مشهورة ومعروفة بالعلم والأدب. وقد حلى المؤلف كتابه “النوادي الأدبية بالبلاد التونسية” بصور نادرة لأعلام تونس في العصر الحديث وهي صور لا توجد إلا عنده وقد ضمت هذه الصور أعلاما رحلوا عنا إلى دار البقاء لا نذكر اليوم إلا أسماءهم ولا نعرف ذواتها وضمت إلى جانبهم بعض من لا زالوا على قيد الحياة حفظهم الله ونفع بهم البلاد والعباد. ونجد في كتاب النوادي الأدبية تعاريف موجزة بالدكاكين الأدبية كدكان الشيخ الطيب الستاري ودكان خميس القيالي ودكان الشيخ الثميني ودكان العنابي وفيها تذكير بمن يرتادها من الأدباء والشعراء وأهل العلم والثقافة في العاصمة وأحوازها وفي نوادي المدن الداخلية استطرادات وإفادات لا نجدها إلا عند الأستاذ محمود شمام يستفيد منها الباحثون والدارسون أيما استفادة وذلك لان المؤلف ينطلق من معايشة ومعاشرة لمرتادي هذه النوادي ومعرفة بأحوالهم الخاصة والعامة. حسب الأستاذ شمام انه وثق ودون ما توصل إليه وعلمه وما على المطلع على عمله أن كانت له إضافة مفيدة إلا أن يدلي بدلوه. وفي هذا الإطار يمكن إن نضيف إلى ما أورده الأستاذ محمود شمام في خاتمة كتابه من تعريف بالمجلس الإسلامي الأعلى والذي اعتبره في جانب من نشاطه أشبه بالنادي الأدبي ولأجل ذلك عرف به نشأة وتأسيسا وذكر بالأطوار التي مر بها والرؤساء الذين تداولوا عليه والأعضاء الذين التحقوا به وغادروه إما بوفاة أو بتحمل مسؤوليات ). ويورد الأستاذ محمود شمام فصولا من النص القانوني المتمثل في الأمر عدد 118 لسنة 1409 هـ/جانفي 1989 والمنشور بالرائد الرسمي عدد 5 لنفس العام فقد ورد في الفصل الثاني ما يلي (يكلف المجلس الإسلامي الأعلى بالنظر في كل المسائل التي تعرضها عليه الحكومة وفي المسائل المتعلقة بالنواحي الفقهية والاجتماعية وفي هذا الصدد يقترح المجلس الإسلامي كل ما من شأنه أن يحصن الأمة في دينها من التفسخ والانغلاق ومن كل ما يؤثر سلبيا في مقومات أصالتها كما ينظر في سير المؤسسات الإسلامية ويضمن أداء رسالتها ولهذا الغرض يقدم المقترحات والتوصيات التي يرى أنها تحقق النجاعة والأغراض النبيلة التي يهدف إليها التعليم في تكوين المواطن المسلم..) الصفحة 95 من كتاب النوادي الأدبية في تونس
