المنتدى العالمي الإسلامي للعلوم ودوره في النهوض بالبحث العلمي وتنمية الموارد البشرية

المنتدى العالمي الإسلامي للعلوم ودوره في النهوض بالبحث العلمي وتنمية الموارد البشرية


البحث العلمي وتنمية الموارد البشرية من المجالات التي ازداد الاهتمام بها والتنافس فيها بين الدول والمجتمعات على مختلف مستويات رقيها وتقدمها. وأصبح البحث العلمي وتنمية الموارد البشرية الملجأ والملاذ الذي يحتمى به ويرتجى منه وبه الخلاص والتغلب على الكثير من المصاعب والمتاعب والتحديات المتزايدة يوما بعد يوم والتي تتهدد الحياة والأحياء في كل أنحاء الكرة الأرضية وبالخصوص في الشطر الجنوبي منها باعتبار هذا الشطر هو الأشد كثافة سكانية والأدنى نسبة في المداخيل فضلا على أن أعلى النسب في الوفيات والإصابة بالأمراض والعاهات والأمية والبطالة هي من حظ هذا الشطر الجنوبي من الكرة الأرضية وإن كانت هذه النسب تتفاوت من بلد إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى وهذا التفاوت يعود إلى مقدار الوعي بهذه التحديات ومقدار بذل المجهود من اجل تحسين هذه الأوضاع وتطويرها والنهوض بها باعتبار أن البقاء على هذا المستوى المتدني ليس قدرا محتوما خصوصا وانه لا تزال تبدو ومضات أمل تعيد الثقة إلى النفوس لعل أجلاها وأوضحها وأشدها تكريسا لهذه الحقيقة تجربة ما يسمى بتنانين جنوب شرقي آسيا هؤلاء الذين قلبوا الموازين في فترات زمنية قصيرة وبإمكانات مادية محدودة ولكن بتنمية في مجال الموارد البشرية مكثفة وبرهان على قدرة عقول وسواعد أبناء هذه الشعوب التي حققت نتائج باهرة تمثلت في نسب نمو سنوية عالية جدا ولا تزال في ارتفاع وازدياد مطرد. لقد أصبح اليوم الانصراف صوب البحث العلمي وتنمية الموارد البشرية أولوية في اغلب البلدان بل صار توصية تقنع بها المؤسسات المالية والبنكية الدولية الممولة والمقرضة كل البلدان وبالخصوص البلدان السائرة في طريق النمو، إنها الوصفة الموحدة التي لا يختلف فيها المشخصون للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في العالم. وبالعودة إلى التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية المختصة نرى البون لا يزال شاسعا بين بلدان الشمال وبلدان الجنوب في كل المجالات بحيث تحتاج بلدان الجنوب إلى مجهودات إضافية تسبقها قناعات ووعي واستعداد لمجابهة هذا التحدي ومحاولة تغيير أوضاعها نحو الأحسن. فالدول النامية لا يتعدى إنفاقها في مجال البحث العلمي 1,6% من مجموع إنفاق دول العالم في هذا المجال بينما تنفق الدول المتقدمة (دول الشمال) بقية النسبة 98,4% وهذه الدول المتقدمة تنفق ما بين 2 و4% من إجمالي ناتجها القومي في حين لا تتجاوز هذه النسبة 0,3% في البلدان النامية فالولايات المتحدة الأمريكية أنفقت على البحث العلمي سنة 1955، 6 مليارات من الدولارات وهو المبلغ الذي لم تنفقه مجموعة بلدان منظمة المؤتمر الإسلامي مجتمعة حتى سنة 1975. وفي هذه السنة 1975 بلغ ما أنفقته الولايات المتحدة الأمريكية في هذا المجال بمفردها 34 مليارا من الدولارات ووصل إلى 40 مليارا من الدولارات سنة 1980 ومنذ ذلك التاريخ والمليارات من الدولارات المنفقة في مجال البحث العلمي في ازدياد مطرد في حين أن نسبة ارتفاع ما ينفق من الناتج القومي في اغلب البلدان العربية والإسلامية لا يزال ضعيفا جدا أو شبه معدوم تماما. مردود البحث العلمي على التنمية ولا يخفى على احد مردود التقدم العلمي على النمو الاقتصادي والاجتماعي وانعكاسه على دخل الفرد وتصل نسبة هذا المردود إلى 90% في الولايات المتحدة الأمريكية و50% في اليابان وقد سارت في هذا الطريق: طريق الاعتماد على البحث العلمي وتنمية الموارد البشرية والرهان على الإنسان باعتباره راس مال فريد وثمين وقادر على تحقيق المعجزات والمفاجآت بلدان عديدة سوى الولايات المتحدة واليابان وبلدان أوروبا الغربية وأوروبا الشرقية. فهذه بلاد مثل كوريا الجنوبية تضع برنامجا للتنمية الاقتصادية يعتمد أساسا على الاستفادة من نتائج البحث العلمي والتقني وقد ازدادت تبعا لذلك نسبة معدل النمو السنوي فيها لتصل إلى 10%وهو رقم يرتفع سنة بعد أخرى وقد قفز رقم صادرات كوريا الجنوبية من 100 مليون دولار في أوائل الستينات إلى 10 بلايين دولار في سنة 1978 ولاشك أن الرقم تضاعف اليوم مرات ومرات. ومثل هذا أو أكثر منه واشد مدعاة للتعجب والإكبار حصل لبلدان أخرى هناك في جنوب شرقي آسيا في تايوان وسنغفورة وتايلاندا وحتى الفلبين والفيتنام وكذلك ماليزيا واندونيسيا. وحسب تقارير منظمة النماء الاقتصادي التابعة للأمم المتحدة فإن اغلب البلدان العربية والإسلامية توجد بين مجموعة الدول المتخلفة علميا وتقنيا والتي لا يتجاوز الناتج القومي للفرد الواحد في السنة 180 دولارا في المتوسط ولاشك أن تغيير هذه النسب والارتفاع بها إلى مستوى أعلى من ذلك يعود في نصيب كبير منه إلى مدى قدرة هذه البلدان على الانصراف صوب البحث العلمي والتقني وتنمية الموارد البشرية. وقد اقتنعت بهذه الحقيقة كثير من بلدان الجنوب وأصبحت تولي البحث العلمي والتقني والتنمية البشرية ما تستحق من العناية والاهتمام، ومجرد الإقناع بهذه الحقيقة بعد مشاهدة الأدلة والبراهين الواقعية والملموسة يعد خطوة لا بأس بها لأنها كفيلة بجعل ما ينفق ويوجه صوب البحث العلمي والتقني يعطي الأولوية المطلقة ويقدم على كثير من الكماليات فنتيجة البحث العلمي والتقني والتنمية البشرية هي الوحيدة الكفيلة بتحقيق الطموحات والآمال في مختلف الميادين والمجالات والتغلب على الصعوبات والتحديات المتمثلة في مخاطر الازدياد السكاني ونضوب الموارد الطبيعية فضلا عما لا يخفى من نسب عالية للامية والأمراض والبطالة وغيرها من المشاكل الجديدة والمستحدثة كمخاطر التلوث البيئي وانعكاسه السلبي على الإنسان والطبيعة بكل مكوناتها من حيوانات ونباتات وتربة ومياه وغيرها. ولقد تفاوتت المجهودات المبذولة في السنوات الأخيرة في مجال البحث العلمي والتقني والتنمية البشرية من بلد إلى آخر من البلدان العربية والإسلامية. وتونس العريقة في التحضر والتمدن ذات المساهمة التي لا تنكر في مجال العلوم والفنون والتقنيات عبر تاريخها الطويل لا يمكنها أن تتناسى هذه الحقائق أو تتجاهلها لأجل ذلك نجدها ومنذ فجر الاستقلال تقدم على الرهان على الإنسان وتعليمه مركزة برنامج مجانية التعليم وتعميمه لتصبح عندما انبلج فجر التحول المبارك مؤهلة للإقدام على خطوة لا تقل أهمية عن الخطوة الأولى التي أنجزت باقتدار فقد وقعت مراجعة برامج التعليم والتكوين في كل المراحل والاختصاصات بهدف الوصول في اقرب الآجال إلى مرحلة الخلق والإبداع والاكتشاف فضلا عن الملامسة والمعايشة والتعامل المباشر مع الجهاز والآلة والمحرك من أجل الضغط على الكلفة وتجويد البضاعة وتحسينها حتى تكون قادرة على المنافسة داخليا وخارجيا في زمن يتهيأ عن قريب ليصبح العالم كله مساحة متسعة الأرجاء لعرض بضائع الدنيا بدون حماية وبمواصفات دقيقة لا مجال فيها للزيف والمغالطة والتحيل والغش. وعلى المستوى العربي والإسلامي رغم أن المبذول ليس في مستوى المأمول والمطلوب إلا انه لا يمكن إنكار مجهودات تبذل هنا وهناك سواء على مستوى المجموعة العربية أو المجموعة الإسلامية ولا بد هنا من الوقوف عند ما تبذله منظمة المؤتمر الإسلامي التي تتخذ من جدة مقرا فهي بمختلف أجهزتها فهي تحاول أن تقدم للأمة ما في الإمكان تقديمه على الأقل على مستوى التنسيق والتكامل اللذين لا يكلفان مجهودا ماديا أو بشريا كبيرا وتتفاوت أجهزة منظمة المؤتمر الإسلامي في العطاء باختلاف اختصاصاتها ومجالات عملها ومن اعرق أجهزتها منظمة ومن أكثر هياكلها بذلا وعطاء وأثرا فعالا في البلدان الإسلامية وحيثما وجدت جاليات مسلمة هيكل البنك الإسلامي للتنمية. فقد تأسس هذا البنك من اليوم الأول على أسس عقلانية حسابية بعيدة عن الهوى والعاطفة وتولى أمره منذ اليوم الأول ثلة من أهل الذكر والاختصاص وتهيكل بكيفية تجعل عمله لا يعرف التوقف أو الاهتزاز أو الارتجال على كثرة ما مر بالبلاد الإسلامية من عواصف هوجاء واختلافات كادت تذهب بالأمة وتذهب ريحها ومع ذلك فان حصيلة عمل البنك الإسلامي للتنمية ايجابية جدا تحظى برضى ومباركة كل الدول الأعضاء في البنك وفي المنظمة. وعمل البنك يتوسع ويتعزز على مر السنوات دون أن يكون ذلك على حساب اختصاصه الأصلي كمؤسسة مالية ذات صبغة دولية تتولى إسداء الخدمات للبلدان الأعضاء: إقراضا وتمويلا ومساعدة وفق أولويات البنك المعمول بها. ومن المبادرات الكثيرة والعديدة التي تسجل للبنك نجاحه في تمويل مشروع الاستفادة من لحوم الأضاحي والهدي الذي يذبح في الحرم المكي كل عام بمناسبة موسم الحج فقد كانت أموال طائلة قبل تولي البنك لهذا المشروع تذهب سدى وهدرا وتضيع بل وتتسبب في التلوث والأوساخ وحتى الأمراض نظرا لأنه ليس هنالك من يستفيد من الحجيج والمقيمين من هذه اللحوم التي تعد بآلاف الأطنان. ونظمت اليوم العملية وأصبح البنك يتولى بواسطة أجهزته وإطاراته البشرية عملية الشراء والنيابة عن الحجيج ثم الذبح والحفظ وبعد ذلك النقل بواسطة الطائرات والبواخر لتلك الكميات الهائلة من اللحوم إلى حيث تشتد إليها الحاجة في ديار الإسلام النائية حيث المجاعات والفقر المدقع وحيث الحوائج الطبيعية وحيث الأمراض وحيث الحروب الطاحنة وهذه خدمة جليلة تذكر للبنك فتشكر. كما أن البنك الإسلامي ساعد على بناء عدة جامعات ومعاهد وكليات ومراكز تدريب فضلا عن المساهمة في بناء المساجد في أنحاء عديدة من العالم الإسلامي. ولم ينس البنك الإسلامي للتنمية الجامعات العلمية العريقة مثل الأزهر والقرويين والزيتونة فهذه الأخيرة تحظى منذ أن كانت مجرد كلية تحمل اسم الزيتونة قبل التحول بحب وتقدير وإجلال محافظ البنك الإسلامي للتنمية الدكتور احمد محمد علي شخصيا وقد صرح أكثر من مرة أن للزيتونة حقا على الجميع لا بد من آدائه حتى تواصل آداء دورها في خدمة الأمة الإسلامية. ولم يتأخر البنك الإسلامي للتنمية عن تقديم العون والمساعدة لطلبة العالم الإسلامي خصوصا أولئك المنحدرين من مجتمعات الأقليات المسلمة فقد صرف لهم المنح المجزية لمواصلة دراساتهم سواء في جامعات البلدان الإسلامية أو خارج البلدان الإسلامية. تأسيس المنتدى العالمي الإسلامي للعلوم ومما بارد إليه البنك الإسلامي للتنمية ومحافظه الدكتور احمد محمد علي وادخلا به على المخلصين المشغولين بأمر الأمة ما أعلن عن إحداثه وهو المنتدى الإسلامي العالمي للعلوم والثقافة وتنمية الموارد البشرية. فهذا المولود الجديد في عالم الهياكل والمؤسسات العاملة في الساحة الإسلامية شاءت الأقدار أن تجعل فضل المبادرة إليه وتأسيسه ليسد الفراغ في هذا المجال يعود إلى البنك الإسلامي للتنمية. أهداف المنتدى يتطلع المنتدى إلى ما يلي: 1) تعزيز التعاون الدولي وإتقان العلوم والثقافة عن طريق تطوير الموارد البشرية وذلك في سبيل تقدم البشرية وازدهارها. 2) إتاحة الفرص أمام المثقفين المسلمين لتبادل المعلومات والآراء والخبرات وبلورة عمل جماعي في البحث العلمي والثقافي استيحاء من القرآن الكريم والسنة النبوية واسترشادا بمبادئهما التي دعت إلى النظر في الظواهر الكونية وتوظيف ذلك في تقوية الإيمان وصناعة الحياة. برامج عمل المنتدى في القريب والمتوسط والبعيد وقد وضع المنتدى برامج شاملة في الأمد القريب (من 1 إلى 5 سنوات) والمتوسط (من 5 إلى 10 سنوات) والطويل (أكثر من 10 سنوات) وتشمل هذه البرامج. 1) إقامة قاعدة بيانات بالبنك الإسلامي للتنمية يغشاها جميع المعنيين عن طريق المعلومات السريعة على أن تشمل قاعدة المعلومات: المؤسسات العاملة في مجال العلوم والتكنولوجيا وكذلك مشروعات البحوث في هذا المجال. العلماء مؤسسات البحث العلمي مراكز الامتياز2) حفز الجهود المتعلقة بتبادل الخبرة عن التكنولوجيا القائمة بواسطة برامج التعاون الفني. 3) حث النشاط المتعلق ببرامج المنح الدراسية والتدريب الفني والقيادي والمساعدة الفنية للمؤسسات التعليمية وبرامج التبادل بين المؤسسات العلمية. 4) البدء في تنشيط البحث العلمي حول المناهج العلمية الإسلامية وقياس مستوى التكنولوجيا وتطبيقها في العالم الإسلامي. 5) نشر مجلات علمية موثوقة. 6) إطلاق البرامج الجديدة بهدف تبصرة العالم بالصورة الحقيقية للإسلام وقيمه وتعاليمه وباستخدام أدوات التكنولوجيا مثل شبكات الكومبيوتر ووسائل الاتصال الالكتروني المتعدد الأساليب والإذاعة والتلفزيون الخ. 7) إنشاء مركز إسلامي لتطوير العلوم والتكنولوجيا وتنمية الموارد البشرية. وقد ضبط المنتدى هيكلته وتنظيمه وحدد لمتابعة أعماله وإدخالها حيز التنفيذ مواعيد مضبوطة وقريبة.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.