الصيام من خلال أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كتاب (المختصر النصيح في تهذيب الجامع الصحيح) للمهلب بن أبي صفرة (تـ435هـ)

الصيام من خلال أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كتاب (المختصر النصيح في تهذيب الجامع الصحيح) للمهلب بن أبي صفرة (تـ435هـ)


فصلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم القول في ركن الصيام تجسيما لقوله جل من قائل في حق نبيه ورسوله عليه الصلاة والسلام وبيان مهمته ومنزلته من الدين حيث قال (لتبين للناس ما نزل إليهم) وقد بين عليه الصلاة والسلام لامته دينها أوضح بيان وأتمه بأقواله وأفعاله وإقراراته مما هو مدون في الصحاح والسنن والمسانيد والجوامع التي تضمنت هديه بدقة لم تترك شاردة ولا واردة وهي جميعها-أي ما صح منها ومحص وغربل ودقق سندا ومتنا -هي ما يتعبد به الله ويتقرب به إليه (وما تقرب إلي عبدي بأفضل مما افترضته عليه) فالشأن في العبادة التي هي حق على عباده (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون) الإتباع لا الابتداع والتشهى، فالله تبارك وتعالى يعبد كما يريد وسبيل التعرف على ما يريده الله من عباده وما يرضيه عنهم هو ما بينه وبلغه رسله عليهم السلام. وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في حقه ربه ومولاه مخاطبا المؤمنين (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) بلغ الدين أتم بلاغ وأكمله وترك الأمة على المحجة البيضاء ووقف يعلن تمام الدين وكماله (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) وقال “ألا هل بلغت اللهم فاشهد”. والله تبارك وتعالى لا يقبل من أعمال عباده إلا أصوبه وأخلصه أي ما جاء موافقا لما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم دون زيادة ولا نقصان فكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وكل من احدث في الدين فعمله مردود عليه كذلك فان الله تبارك وتعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجه الله، فالله تبارك وتعالى أغنى الشركاء (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين). وركن الصيام: صيام شهر رمضان يبدو فيه جليا الإخلاص والبعد عن الرياء والتظاهر إن الصيام عبادة بين العبد وربه لا يعلمها منه إلا الله الذي لا تخفى عليه خافية ولذلك فان الصيام يبقى كاملا لا يمس ولا ينقص منه ولا تؤخذ من حسناته (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي) أي لله رغم انه عمل للعبد ولا يعلم ثواب الصوم إلا الله فهو الذي يجزي ويجازي عليه عبده الذي ترك طعامه وشاربه امتثالا لأمر الله. ومواكبة شهر رمضان بسرد وقراءة أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة حميدة لا تزال متبعة في ديار الإسلام مشرقا ومغربا من ذلك مجالس الحديث التي لا تزال تنتظم في المساجد والجوامع فصحيح البخاري وصحيح مسلم وكتاب الشفا لا تزال بحمد الله تعقد لها مجالس في جامع الزيتونة المعمور فيجمع المؤمنون بين إحياء الليالي بالقرآن يرتل ترتيلا وقراءة أبواب من الصحاح فتتعطر مجالسهم وتطيب ويتفقهون في الدين و(من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين). ومن كتاب (المختصر النصيح في تهذيب الجامع الصحيح) للمهلب بن أبي صفرة (ت435هـ) والذي حققه وتولى دراسته الأستاذ الشريف ولد أباه والذي صدر سنة 1428هـ بالرباط المغرب. باب الصوم في السفر والإفطار حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا هشام بن عروة سمعت أبي يقول سمعت عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثنا علي بن عبد الله وحدثنا سفيان وجرير بن عبد الحميد لفظه عن أبي إسحاق الشيباني سمع ابن أبي أو في قال: كنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما غربت الشمس قال الرجل: انزل فأجدح لي قال يا رسول الله لو أمسيت زاد سفيان: الشمس ثم قال : انزل فأجدح قال: إن عليك نهارا ثم قال: انزل فأجدح فنزل وجدح له في الثالثة فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أومأ بيده إلى المشرق فقال: إذا رأيتم الليل قد اقبل من ها هنا زاد هشام وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس قال: فقد افطر الصائم. وخرجه في باب الإشارة بالطلاق والأمور وفي باب متى يحل فطر الصائم وباب يفطر بما يتيسر عليه بالماء وغيره وفي باب تعجيل الفطر. وحدثنا عبد الله بن يوسف اخبرنا مالك وحدثنا مسدد حدثنا يحيى كلاهما عن هشام بن عروة قال حدثني أبي عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال: يا رسول الله إني اسرد الصوم زاد مالك أأصوم في السفر؟ وكان كثير الصيام فقال: إن شئت فصم وإن شئت فأفطر. باب إذا صام أياما من رمضان ثم أفطر حدثنا عبد الله بن يوسف عن مالك حدثنا موسى حدثنا موسى حدثنا أبو عوانه عن منصور حدثنا علي حدثنا حرير عن منصور عن مجاهد عن طاوس قال ابن يوسف وحدثنا الليث حدثنا عقيل عن ابن شهاب قال اخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عقبة أن ابن عباس اخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة الفتح في رمضان زاد مالك إلى مكة قال ابن شهاب وسمعت ابن المسيب يقول مثل ذلك قال عبيد الله اخبرني ابن عباس قال: صام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا بلغ الكديد الماء الذي بين قديد وعسفان قال طاوس عن ابن عباس: ثم دعا بإناء من ماء. أبو عوانه فرفعه إلى يده ليراه الناس قال جرير فشرب نهارا فأفطر حتى قدم مكة وقال عبيد الله: حتى انسلخ الشهر قال منصور: فكان ابن عباس يقول قد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفطر فمن شاء صام ومن شاء أفطر. وحدثنا عياش بن الوليد حدثنا عبد الأعلى حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس قال خرج النبي إلى حنين والناس مختلفون فصائم ومفطر فلما إستوى على راحلته دعا بإناء من لبن أو ماء فوضعه على راحته أو على راحلته ثم نظر إلى الناس فقال المفطرون للصوام: افطروا وخرجه في باب من أفطر في السفر ليراه الناس وفي باب غزوة الفتح وفي باب الخروج في رمضان مختصرا. حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرحمان بن يزيد بن جابر أن إسماعيل بن عبيد الله حدثه عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلا ما كان من النبي وابن رواحة. باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظل عليه واشتد الحر “ليس من البر الصوم في السفر” حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا محمد بن عبد الرحمان الأنصاري قال سمعت محمد بن عمرو بن الحسن بن علي عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم فقال: ليس من البر الصوم في السفر. باب لم يعب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعضهم بعضا في الصوم والإفطار حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن حميد الطويل عن انس بن مالك قال: كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم. باب وعلى الذين يطيقونه فدية حدثنا وقال ابن نمير حدثنا الأعمش حدثنا عمرو بن مرة قال ابن أبي ليلى حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نزل رمضان فشق عليهم فكان من اطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم ممن يطيقه ورخص لهم فنسختها (وأن تصوموا خيرا لكم) فأمروا بالصوم. باب متى يقضي رمضان وقال ابن عباس: لا بأس أن يفرق لقول الله عز وجل (فعدة من أيام أخر) وقال سعيد بن المسيب في الصوم العشر: لا يصلح حتى يبدأ برمضان. وقال إبراهيم: إذا فرط حتى جاء رمضان آخر يصومهما ولم ير عليه طعاما. ويذكر عن أبي هريرة مرسلا وابن عباس انه يطعم ولم يذكر الله الإطعام إنما قال (فعدة من أيام أخر). حدثنا احمد بن يونس حدثنا يحيى عن أبي سلمة قال سمعت عائشة تقول: “كان يكون علي الصوم من رمضان فما استطيع أن اقضي إلا في شعبان”. قال يحيى: الشغل من النبي أو بالنبي باب الحائض تترك الصوم والصلاة وقال أبو الزناد: إن السنن وجوه الحق لتأتي كثيرا على خلاف الرأي فما يجد المسلمون بدا من أتباعها من ذلك الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة. باب من مات وعليه صوم وقال الحسن: إن صام عنه ثلاثون رجلا يوما واحدا جاز حدثنا محمد بن خالد حدثنا موسى بن أعين حدثنا أبي عن عمرو بن الحارث عن عبيد الله بن أبي جعفر أن محمدا بن جعفر حدثه عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مات وعليه صيام صام عنه وليه. تابعه بن وهب عن عمرو ورواه يحيى بن أيوب عن ابن أبي جعفر قال المهلب (وهو صاحب المختصر) وأما حديث ابن عباس فلا بد من إدخاله مع اضطرابه كما تبرع به البخاري حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا معاوية بن عمرو وحدثنا رائد عن سليمان عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير قال: “جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال: نعم فدين الله أحق أن يقضى” قال الأعمش فقال الحكم وسلمة بن كهيل: ونحن جميعا جلوس حين حدث مسلم بهذا الحديث قال: سمعنا مجاهدا يذكر هذا عن ابن عباس. قال البخاري ويذكر عن أبي خالد هو الأحمر حدثنا الأعمش عم الحكم ومسلم البطين وسلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد عن ابن عباس قالت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم إن أختي ماتت وقال يحيى وأبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم عن سعيد عن ابن عباس قالت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم: أن أمي ماتت وقال عبيد الله عن زيد بن أبي أنيسة عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قالت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي ماتت وعليها صوم وقال أبو جرير حدثنا عكرمة عن ابن عباس قالت امرأة للنبي صلى الله عليه سلم: ماتت أمي وعليها صوم خمسة عشر يوما. باب متى يحل فطر الصائم وافطر أبو سعيد الحذري حين غاب قرص الشمس باب تعجيل الإفطار حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر. باب إذا افطر في رمضان ثم طلعت الشمس حدثنا عبد الله بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت: افطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غيم ثم طلعت الشمس قيل لهشام: فأمروا بالقضاء؟ قال: لا بد من قضاء وقال معمر: لا ادري اقضوا أم لا؟ باب صوم الصبيان وقال عمر لنشوان في رمضان: ويلك وصبياننا صيام فضربه. حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا خالد بن ذكوان عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أصبح مفطرا فليتم بقية يومه ومن أصبح صائما فليصم قالت: فكنا نصومه بعده ونصوم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى احدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار. هكذا أيها القارئ الكريم ترى ثراء سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإحاطتها بالشاردة والواردة فكل رواية فيها إضافة وهي إضاءة تزيد القارئ والمتتبع باهتمام لتدخلات الرواة وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه والتابعون لهم من العلماء الأعلام يزيد كل ذلك المسلم دراية وفقها وعلما فيه سعة وتيسير وسماحة ورحابة تميز بها هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لابد من استقصائه وتتبعه في كتب السنة والسيرة من اجل أن تكتمل للمسلم الرؤية التي توافق الصواب ومراد الله من عباده وما جاءهم به من عنده رسوله صلى الله عليه وسلم والذي هو رحمة كله وسماحة كله ويسر كله ونفع عاجل وآجل للمسلم كل ذلك في غير تشديد وتضييق.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.