الصلاة الركن الذي تلقاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مباشرة من ربه ليلة الإسراء والمعراج
ثم انطلق بي حتى انتهيت الى الشجرة فغشيتني سحابة وخررت ساجدا لله عز وجل فقال: الله لي يا محمد اني يوم خلقت السماوات والأرض افترضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة فقم بها انت وأمتك قال ثم انجلت عني السحابة فأخذ بيدي جبريل فانصرفت سريعا فأتيت على ابراهيم فلم يقل لي شيئا ثم أتيت على موسى فقال لي: ما صنعت يا محمد؟ فقلت: فرض ربي علي وعلى أمتي خمسين صلاة قال: فلن تستطيعها أنت ولا أمتك فارجع الى ربك فاسأله ان يخفف عنك فرجعت سريعا حتى انتهيت الى الشجرة فغشيتني السحابة ورفضني جبريل وخررت ساجدا وقلت رب انك فرضت علي وعلى أمتي خمسين صلاة ولن أستطيعها أنا ولا أمتي فخفف عنا قال قد وضعت عنكم عشرا ... فذكر كذلك الى خمس صلوات وخمس بخمسين ثم امره موسى ان يرجع فيسأله التخفيف فقلت اني استحييت منه تعالى) هذا حديث من الأحاديث التي أوردت خبر معجزة الاسراء والمعراج واذا كان ايراد تفاصيل هذه الرحلة المحمدية التي انطلقت من جوار بيت الله الحرام بمكة المكرمة الى المسجد الأقصى بالأرض المباركة وذلك في مرحلة أولى وفي مرحلة ثانية من المسجد الأقصى الى السماوات العلى سماء بعد سماء الى ان وصل عليه الصلاة والسلام الى مقام لم يصله قبله ولا بعده نبي مرسل ولا ملك مقرب حيث خر عليه الصلاة والسلام تحت عرش الرحمان ساجدا سائلا ربه (أمتي أمتي امتي) حيث قال له ربه ( يا محمد ارفع رأسك لقد شغلت ببكائك حملة العرش سل تعطى (ولسوف يعطيك ربك فترضى) ولن يرضى عليه الصلاة والسلام وواحد من امته يعذب في نار جهنم واذا كانت معجزة الاسراء والمعراج قد أرتنا المنزلة الرفيعة لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وأقرت عينه بعد ان أعرض عنه القريب والبعيد حيث أخرجه قومه (قريش) وأطرده أهل الطائف وكان قبل ذلك فقد عزيزين عليه كانا له سندا، زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها وعمه أبا طالب وقد سمي ذلك العام عام الحزن وهو بحق عام حزن ولكن عوضه ربه عن هذا الاعراض من قريش وأهل الطائف عوضه عن فقد العزيزين عليه بتقريب ليس فوقه وليس مثله تقريب، لقد دعي الى مقام رفيع قريب مقام القرب من رب العالمين مقام قاب قوسين أو أدنى وقد تلقى من ربه هدية له ولأمته تلقاها مباشرة وبدون واسطة حتى لو كان هذه الواسطة سيدنا جبريل عليه السلام الذي وقف عند مقام لم يتجاوزه وقال (ان منا الا له مقام معلوم ولو تقدمت لاحترقت) وتقدم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الى ان وصل الى مقام القرب حيث رأى من آيات ربه الكبرى كانت هذه الهدية هي الصلاة التي فرضها الله عليه وعلى أمته من فوق سبع سماوات ليلة الاسراء والمعراج، دعي عليه الصلاة والسلام لتلقيها من ربه وفي هذا الحديث تفصيل لما دار بين سيدنا محمد وسيدنا موسى عليهما السلام حيث وقع تخفيف الصلاة من خمسين صلاة الى خمس صلوات وثوابها ثواب الخمسين *فالصلاة عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين والصلاة شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهر الجاري على باب أحدنا يغتسل فيه في اليوم خمس مرات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا، قال كذلك الصلاة وصدق الله العظيم الذي يقول (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) *والصلاة هي معراج للمؤمن توصل صاحبها القائم بها على أحسن الوجوه الى درجة القرب، (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) يقول جل من قائل (فاسجد واقترب) *والصلاة التي هي معراج المؤمن هي تلك التي قسمها الله بينه وبين عبده قال الله في الحديث القدسي (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي شطرين ولعبدي ما سأل اذا قال العبد (الحمد لله رب العالمين الرحمان الرحيم ملك يوم الدين اياك نعبد واياك نستعين يقول الله حمدني عبدي فاذا قال العبد (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين يقول الله هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) *والصلاة هي أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة فاذا صلحت صلح سائر عمله واذا فسدت فسد سائر عمله *والصلاة هي الركن الوحيد الذي لا يسقط الا بذهاب العقل الذي هو شرط التكليف (وكل تكليف بشرط العقل) فالصلاة واجبة في السفر والإقامة وفي السلم والحرب وفي الصحة والمرض
