الصبر واليقين والجهاد والعدل عماد كل مشروع عظيم

الصبر واليقين والجهاد والعدل عماد كل مشروع عظيم


إن المتتبع لسيرة سلفنا الصالح من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن التابعين لهم بإحسان ليرى إشارة النبوة بادية في جميع تصرفاتهم، حتى إن مواعظهم وخطبهم ونصائحهم تدخل القلوب بدون استئذان، وتحدث في النفوس حركة قوية من التأثر والانفعال ذلك أنهم رضى الله عليهم أجمعين تشربوا روح الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وتأثروا بأخلاقه الكريمة وسيرته القويمة فتجلى ذلك التأثر في أقوالهم وأفعالهم وفي عموم تصرفاتهم. وبهذه الروح المثالية التي التزموها في أقوالهم وأفعالهم أحرزوا ما أحرزوه من سعادة الدنيا وسعادة الآخرة ولم تكن تلك المقامات العالية التي تربعوا في ذروتها إلا وليدة جهاد مستمر في جميع ميادين الجهاد حتى تفتقت قرائحهم وسمت مداركهم وظهرت سرائرهم وزكت أعمالهم وخرجوا بعد ذلك من دنياهم فرحين مستبشرين، فرحين مما خلفوه وراءهم من مآثر حميدة وجليلة ومستبشرين بما ينتظرهم من خلود ونعيم مقيم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين وانهم وأيم الله لأيمة المتقين الأخيار وصفوة الصالحين الأبرار، وان أقوالهم ليجد فيها المؤمن حلاوة وطلاوة لأنها تضرب على وتر الرسول صلى الله عليه وسلم وتسير على غراره وتغترف من فيض أنواره وأسراره فهاهي نصيحة من نصائح أبي الحسن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه تعبر بصدق عن إدراكه العميق وتفكيره السديد وتبصره بدقائق الأمور وحقائق الوجود “بني الإسلام على أربعة أركان، على الصبر واليقين والجهاد والعدل وللصبر أربعة شعب، الشوق والشفقة، والزهادة والترقب لمن اشتاق إلى الجنة لا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات ولليقين أربع شعب تبصره الفطنة وتأويل الحكمة ومعرفة الغرة واتباع السنة ومن اتبع السنة فكأنما كان في الأولين، وللجهاد أربع شعب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن وشنان الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن ومن نهى عن المنكر رغم أنف المنافق ومن صبر في المواطن قضي الذي عليه، و أحرز دينه،ومن شنا الفاسقين فقد غضب لله وللعدل أربع شعب غوص الفهم وزهرة العلم وشرائع الحكم وروضة الحلم فمن غاص الفهم فسر جمل العلم، ومن رعى زهرة العلم عرف شرائع الحكم ومن عرف شرائع الحكم ورد روضة الحكم ومن ورد روضة الحكم لم يفرط في أمر وعاش في الناس وهو في راحة” هذه أيها القراء فلسفة أيمتنا الأخيار تدل على مدى تأثرهم بالروح الإسلامية الخالدة وعلى عمق تفكيرهم الصائب السديد. إن هذه الدرجات والرتب والشعب لهي في دنيا الناس هذه مراتب للعباد سلم للقيم ولكل درجة أهل وصلوا إليها ومدوا أبصارهم وأيديهم الى ليقنعوا بها لأن جهودهم وعزائمهم قصرت عن إدراك سواها وان هذه الشعب الأربع التي هي الصبر واليقين والجهاد والعدل لهي عمد يقام عليها كل مشروع عظيم ودعائم لا بد من تقويتها وإلا كان كل بناء مهددا بالسقوط والانهيار لأن لم يصبر على المكروه أو لم يصبر على فراق الشهوة انثنى من أول خطوة في مشروعه وتعثر في أذيال ضعفه وخيبته: ومن لم يكن له الإيمان الراسخ واليقين الثابت عاش حائرا مترددا يقضي حياته في الإقدام والإحجام يبني اليوم ما يهدمه غدا ومن ابتعد عن الجهاد وعاش مع الأوهام والخرافة والجبن فهو الذي يحق أن نطلق عليه ما أطلق الإمام على أمثاله في مقام آخر حين يقول (أشباه الرجال ولا رجال حلوم الأطفال وعقول ربات الحجال) وانى لهؤلاء أن يحققوا لأنفسهم رغبة . أما العدل فهو أساس العمران وهو طريق المعرفة ورسول الحكمة وبه يدين الانسان نفسه ويقتص منها لربه وللناس. وبذلك تتآلف القلوب وتتلاقح العقول وتتحد المشاعر وتصفو الخواطر ويشترك الناس في النعيم ويمدون لبعضهم البعض يد التعاون المثمر النزيه الخالي من جميع الشوائب التي تعكر الصفو وتوغر الصدور



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.