الدروس الحسنية: إحدى النجاحات المغربية في تدبير الشأن الديني ونموذج لبث الوعي الصحيح على أيدي أهل الذكر من العلماء الأعلام

الدروس الحسنية: إحدى النجاحات المغربية في تدبير الشأن الديني ونموذج لبث الوعي الصحيح على أيدي أهل الذكر من العلماء الأعلام


مواكبة لزيارة جلالة الملك محمد السادس الرسمية و الخاصة للبلاد التونسية أعادت القناة السادسة المغربية بث درس كان ألقاه فضيلة الشيخ عثمان بطيخ مفتي الجمهورية السابق في إطار الدروس الحسنية الرمضانية في إحدى السنوات الماضية ولا شك أن إعادة البث لهذا الدرس لا يخلو من إشارات منها ما يكنه أهل المغرب وقيادته من التقدير والاحترام لتونس وشعبها والرغبة الصادقة في توطيد عرى الأخوة بين الشعبين التونسي والمغربي التي يعتبر الإسلام بخصوصياته المغاربية السنية الأشعرية المالكية الجنيدية عمودها الفقري. وقد كان ولا يزال للزيتونة والقرويين وعلمائهما الدور الكبير في ترسيخ هذه الخصوصيات وكان ولا يزال بين علماء البلدين التواصل والتعاون والتكامل وكانت لا تزال لشيوخ تونس والمغرب زيارات متبادلة سواء كانت زيارات خاصة أو زيارات في إطار المشاركة في الندوات والملتقيات التي تنظمها الهيآت والجمعيات والجامعات هنا وهناك . *فقد زار المغرب وتردد عليها الشيوخ محمد الفاضل بن عاشور ومحمد الحبيب بلخوجة ومحمد الشاذلي النيفر ومحمد المختار بن محمود و محمد الشاذلي بلقاضي ومحمد الحبيب المستاوي رحمهم الله وهناك التقوا بزملائهم من علماء المغرب. *ومن المغرب جاء إلى تونس الشيوخ: عبد الحي الكتاني والثعالبي الحجوي وعلال الفاسي وعبد الله قنون ومحمد المنوني وابراهيم الكتاني رحمهم الله ويوسف الكتاني ومصطفى بن حمزة وغيرهم كثير. *ولعل أبرز محطات التفاعل بين الجانبين الدروس الحسنية باعتبارها موعدا سنويا يتجدد كل عام بمناسبة شهر رمضان المعظم الدروس الحسنية الرمضانية هذه السنة التي سنها الملك الحسن الثاني رحمه الله وأجزل مثوبته حيث كان يدعو كل عام ومن كل بلدان العالمين العربي والإسلامي وحتى خارجهما ثلة من العلماء ليكونوا ضيوفه يتولى بعضهم إلقاء درس رمضاني يشرف عليه ويحضره بنفسه ويحضره معه كبار المسؤولين وأعضاء السلك الديبلوماسي المعتمد وتبثه وسائل الإعلام مباشرة ثم يظل يستفاد من هذه المادة العلمية الرفيعة إعلاميا على امتداد الأعوام في مشهد أصيل تبدو فيه أصالة المغرب وخصوصياته. *وكانت تونس حاضرة في الدروس الحسنية الرمضانية منذ انطلاقها وإلى اليوم حيث حرص الملك محمد السادس على مواصلة رعايته لها ودعمها بكل الوسائل المادية و البشرية وهكذا شارك في هذه الدروس الحسنية الرمضانية العلامة البحر سماحة الشيخ محمد الفاضل بن عاشور رحمه الله وكان مما تميز وميز به على بقية ضيوف المغرب أنه كان دعي في عام من الأعوام إلى أن يلقي درسين عربون إعجاب كبير بما لهذا العالم الزيتوني من قدرة علمية تجاوز بها إشعاعه حدود تونس والمغرب ليعم كل البلاد الإسلامية مشرقا ومغربا، فقد كان رحمه الله آية من آيات الله في الفصاحة والقدرة على الإبلاغ وقوة الحجة والتبحر في مختلف فروع الثقافة الإسلامية كل ذلك في سماحة وتنوير و تحرير واجتهاد وخلفه من بعده في الحضور المتميز في الدروس الحسنية الرمضانية فضيلة الشيخ محمد الحبيب بلخوجة رحمه الله فقد ظل سواء كان ذلك في فترة توليه لخطة الإفتاء بتونس أو كان ذلك عندما انتقل الى جدة لتولي خطة الأمانة العامة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي فقد كان رحمه الله لا يغيب عن الحضور والمشاركة في الدروس الحسنية الرمضانية يشد إليها الرحال ويستعد لها أتم الاستعداد فكان بذلك خير خلف لخير سلف. *وشارك في الدروس الحسنية أصحاب الفضيلة: محمد الشاذلي النيفر رحمه الله ومحمد مختار السلامي وعثمان بطيخ الذي أعيد بث درسه أخيرا الذي ألقاه بين يدي الملك محمد السادس في إحدى السنوات الماضية وقد تزامن إعادة البث مع أداء جلالته صلاة الجمعة في جامع قرطاج بإمامة الشيخ عثمان بطيخ وبحضور رئيس الجمهورية الدكتور المنصف المرزوقي وقد بثت شعائر هذه الصلاة القناة السادسة الفضائية المغربية. *وقد كان لي شخصيا شرف حضور الدروس الحسنية في حياة المغفور له الملك الحسن الثاني وأكثر من مرة وكذلك في عهد الملك محمد السادس وحضرها معي كل من الأستاذ محمد أبو القاسم العليوي والأستاذ الطاهر الرزقي وكان حضورنا إلى جانب أخواننا ضيوف الدروس الحسنية الرمضانية مليئا بالأنشطة العلمية والإعلامية فألقينا عديد الدروس والمحاضرات في مساجد مختلف المدن المغربية الكبرى في الرباط و الدار البيضاء (في جامع الحسن الثاني)وغيرهما. واستضافتنا القنوات الفضائية التلفزية والإذاعات المغربية في حصص فردية وندوات شارك فيها علماء من مختلف البلدان العربية والإسلامية. *إن الدروس الحسنية الرمضانية سنة مغربية حسنة تنال إعجاب كل من يتسنى له حضورها والمشاركة فيها في إحكام تنظيمها والإحاطة الشاملة بها من كل الجوانب المادية والبشرية في كرم ضيافة وحرص شديد على الاستفادة القصوى من وجود العلماء الضيوف بالمغرب سواء من يتشرفون بإلقاء الدروس بين يدي جلالة الملك محمد السادس وهم الأقل باعتبار أن عدد تلك الدروس محدود أو البقية وهم الأكثر عددا حيث يوضع لهم برنامج محكم التنظيم لإلقاء الدروس والمحاضرات والمشاركة في الندوات في أغلب مدن المغرب: شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، ويدخل كل ذلك ضمن الحركية الدينية التي يعيشها المغرب وتؤطرها مجالس علمية مشكلة في المدن المغربية الصغيرة والكبيرة وذلك في إطار إدارة الشأن الديني الذي تتولاه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي يتولاها باقتدار الدكتور أحمد التوفيق العالم والمؤرخ المغربي المرموق. *إن الدروس الحسنية الرمضانية المغربية نموذج لبث الوعي الديني الصحيح على أيدي أهل الذكر من العلماء الأعلام الذين يأتون من كل أنحاء العالم الإسلامي وخارجه وهي تجربة جديرة بالاستفادة منها والاستنارة بها في تدبير الشأن الديني في كل البلدان العربية والإسلامية وقد بدأت بعض البلدان في النسج على منوالها (الدروس المحمدية في الزاوية البلقايدية بوهران والتي تبثها قناة القرآن الكريم الجزائرية). *إن الدروس الحسينية هي بحق إحدى نجاحات التجربة المغربية في تدبير الشأن الديني.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.