افتتاحيات الشيخ الحبيب المستاوي رحمه الله لمجلة جوهر الإسلام: عدد05 السنة الأولى :أليس الصبح بقريب
تحمل الأيام في دورانها المطرد مفاخر للشعوب و ذكريات لأيامها الخوالد تستوقف الخائضين غمار الحياة برهة زمنية ليعمقوا إيمانهم بمعاني الخلود و ليستلهموا الرشد من تلك الأرواح الطاهرة التي عرجت إلى ما فوق السبع الطباق ثم ليقطعوا معها عهدا جديدا على الوفاء لما حلقت في سبيله من مثل و لما استهانت من أجله بالحياة. و إنه لمن عظيم العناية ألاهية ان تتضمن حياة الشعوب أمثال هذه الأعياد القومية و الدينية فتكون أصمن فص للاعتبار و المحاسبة و تلقى هاتيك الأعياد كمحطات يقف بها الدائبون في سيرهم الطويل ليتزودوا بما هم في حاجة إليه من طاقات مادية و روحية متتالية تفصل بين كل محطة و محطة . و لقد حمل الشهر الحالي في ما يحمل توثب في مجالات العلم و الدراسة حمل ضمن أيامه النشيطة المباركة يومين خالدين سوف لن ننساها أبدا هما الإسراء و المعراج و يوم جلاء الجيوش الأجنبية عن آخر شبر من بلادنا التونسية الحبيبة و كلا اليومين خليق بالتمجيد و الإكبار و جدير باستجلاء العبر و التوفيق و الإدراك ذلك أن أقل ما يذكرنا به السراء و المعراج هو تحقق الكرامة الدائمة لهذه الأمة و ثبوت الخيرية و الأفضلية لها تبعا لما خص به رسولها من مقامات هي منتهى السناء و الإشراق و لا أخالها إلا مجددة في قلب كل مسلم شوقه و توقه إلى المكان الذي ربطه بالإسلام و المسلمين رباط القداسة فكان مع ما ذكر آنفا أول مكان وجهت صوبه وجوه المتوجهين لربهم و ان جبن و تثاقل فان مرور ذكرى الاسرآء و المعراج به لا بد أن تنبه منه تلك القوى الإيمانية المخدورة و لابد أن تجعله يفكر أولا و يعمل ثانيا على تطهير الحرم القدس وافتكاكه من أيدي الغزاة العابثين . و لعل احتفالنا بجلاء جيش هو أقوى بأسا و أشد مراسا من هذه النفايات المنتصرة و البغاثاء المستنسرة مما يشحذ عزائمنا على العمل الدائب لحماية أمجادنا مما قد يهددها من طوارق الحدثان و يستحثها لاستعادة ما سلبته منا يد الجور و الطغيان فنعبئ طاقاتنا الكثيرة المتنوعة لغايات البناء و القوة و نملأ جميع الواجهات بما هي في حاجة إليه من أسلحة العقل و الروح و من أسلحة العلم و المادة و التقنية اذ بذلك فقط نختصر المراحل نحو النصر الذي هو آت لا ريب فيه. و ليس من الخور أو الإفراط في التفاؤل أن نقول أن تباشير الصبح و بواكير النجاح أصبحت تتراءى في الأفق جميلة بسامة فها هو ساعد المقاومة الفلسطينية يشتد و ضرباتها لمعاقل الصهيونية تتوالى و هاهي الجيوش المرابطة على خطوط وقف إطلاق النار ترد اللكمة بأعنف منها و هاهي الاعترافات و المحاسبات من أولى الأمر في الأمة العربية تتقاطر و هاهي المنظمات الأممية تقرأ للشعب العربي حسابه فتسمح للغته أن تحتل مكانتها بين اللغات الرسمية في منظمة اليونسكو و الجمعية العالمية للحكام العدليين أفلا تجعلنا كل هذه الأشياء نقول : أليس الصبح بقريب ؟ اننا لمؤمنون أشد الإيمان بأن الله معنا إذا كنا معه ، و بأنه ناصرنا متى رجعنا إليه و لقد قال و هو أصدق القائلين : ( و أوفوا بعهدي أوف بعهدكم واياى فارهبون ). صدق الله العظيم .