أفعال المناسك من خلال كتاب إرشاد السالك لبرهان الدين إبراهيم ابن فرحون ت799هـ/1397م

أفعال المناسك من خلال كتاب إرشاد السالك لبرهان الدين إبراهيم ابن فرحون ت799هـ/1397م


كتاب إرشاد السالك إلى أفعال المناسك ألفه برهان الدين إبراهيم بن فرحون المدني المالكي المتوفى سنة 799هـ 1397م وقد قام بتحقيق هذا الكتاب الأستاذ محمد أبو الأجفان رحمه الله الأستاذ بجامعة الزيتونة أصدرته بيت الحكمة بقرطاج. يقع هذا الكتاب في جزأين: اشتمل الجزء الأول على تصدير وقسم أول تولى فيه المحقق الترجمة للمؤلف ابن فرحون ودراسة كتاب إرشاد السالك وفي القسم الثاني تولى تحقيق الكتاب أي إيراد النص مصحوبا بالتعليق عليه بهوامش تفاوتت في الاختصار والتطويل واشتمل الكتاب في جزأيه على أبواب وفصول وقد ذيل المحقق كتاب إرشاد السالك بفهارس مفيدة للآيات والأحاديث والآثار والأدعية والأذكار والقواعد الفقهية والأصولية والشعر والأعلام المترجم لهم والمصادر والمراجع والموضوعات وبذلك بلغت صفحات الكتاب في جزأيه 758 صفحة. تعلم المناسك واجب يبدأ المؤلف بذكر حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه (تعلموا المناسك فإنها من دينكم) الجامع الصغير ثم يورد بعد ذلك أقوالا للقرافي والغزالي وغيرهما تفيد إجماع المسلمين انه لا يجوز لأحد أن يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله تعالى فيه ثم يورد المؤلف خطته في تأليف هذا الكتاب فيقول (وقد اشتمل هذا المختصر على أبواب: الأول في الترغيب في الحج وفضله والثاني في بيان آداب سفر الحج الثالث في أحكام الحج وصفته وأركانه الرابع في التمتع الخامس في القِرَانِ السادس في صفة العمرة المفردة السابع في حج الصبي والمرأة والعبد والكافر يسلم الثامن فيما شرع للحاج فعله فإذا تركه تم حجه ووجب عليه دم التاسع في محظورات الحج المنجبرة العاشر في فضائل الحج وما ندب إلى الإتيان به الحادي عشر في بيان الفدية وأنواعها الثاني عشر فيما يكره للمحرم فعله فان فعله فلا شيء عليه الرابع عشر في حكم اصطياد المحرم وجزاء الصيد الخامس عشر في أحكام الهدي ودماء الحج وذكر أيام الحج وشعائر الحج السادس عشر في نكاح المحرم وحكم الوطء ومقدماته السابع عشر في موانع الحج وفوات الوقوف الثامن عشر في النيابة في الحج والاجارة عليه التاسع عشر في ذكر حرم مكة شرفها الله تعالى وذكر حرم المدينة النبوية وحكم الاصطياد في حرميهما وقطع الشجر الذي فيهما العشرون في ذكر آثار شريفة ينبغي للحاج أن يقصدها للتبرك بها الحادي والعشرون في القدوم على ضريح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآداب السلام عليه وما يتصل بذلك من ذكر المزارات الكائنة بها الصفحة 73) وقد فضلت أن أورد هذا العرض التفصيلي لمضمون الكتاب تعريفا للقارئ بمحتوى هذا الكتاب القيم من تأليف عالم جليل هو ابن فرحون. ثواب الحج وأجره وترغيبا في الحج وفضله يفتتح المؤلف كتابه بإيراد حديث ذكره أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه “مثير الغرام الساكن إلى اشرف الأماكن” من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: (من أراد دنيا وآخرة فليؤم هذا البيت، ما أتاه عبد سأل الله دنيا إلا أعطاه الله منها ولا آخرة إلا ادخر الله له منها) كما أورد حديث البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من حج لله هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) تفسير الرفث قال أبو عمر بن عبد البر: الرفث هنا السباب وقبيح الكلام والتعريض بالنساء ثم يورد بعد ذلك أقوال العلماء في معنى الآية الكريمة (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) البقرة الآية 197 وكل ذلك مفصل في الصفحات 76 و77 و78 و79 ويختم المؤلف هذا الباب الهام بحديث ذكره عبد الرزاق عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من الأنصار: (سل حاجتك وان شئت أخبرتك قال الأنصاري: فذلك أعجب إلي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فانك جئت تسأل عن خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام وتقول ماذا لي فيه؟ وجئت تسأل عن وقوفك بعرفة وتقول ماذا لي فيه؟ وعن رميك الجمار وتقول ماذا لي فيه؟ وعن طوافك بالبيت وتقول ماذا لي فيه؟ وعن حلق رأسك وتقول ماذا لي فيه؟ قال: أي والذي بعثك بالحق نبيا فقال صلى الله عليه وسلم أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام فان لك بكل وطأة تطأها راحلتك حسنة وتمحى عنك بها سيئة وأما طوافك-يعني الإفاضة-فانك تطوف ولا ذنب لك ويأتيك ملك حتى يضع يده بين كتفيك فيقول: اعمل لما بقي فقد غفر لك ما مضى وأما طوافك بين الصفا والمروة كعتق سبعين رقبة وأما وقوفك بعرفة فان الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم ملائكته فيقول: هؤلاء عبيدي جاؤوني شعثا غبرا من كل فج عميق يرجون رحمتي ويخافون عذابي ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج (موضع بالبادية كثير الرمل) أو مثل أيام الدنيا أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك وأما رميك الجمار فانه مدخر لك وأما حلقك رأسك فان لك بكل شعرة تسقط حسنة فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك). فضل العمرة وفي الصفحة 90 من الكتاب يورد المؤلف ما جاء في فضل العمرة في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) قال العلماء والمبرر الذي لا يخالطه إثم وقيل: الذي لا رياء فيه ولا رفث ولا فسوق وقيل: المقبول ومن علامات القبول أن يرجع خيرا مما كان وان لا يعاود المعاصي قال ابن الجوزي وروي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما انه قال قيل يا رسول الله وما بر الحج؟ قال: إطعام الطعام وإفشاء السلام. النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله ويورد المؤلف أحاديث مبشرة بعظيم الأجر وجزيل الثواب للمحرم المتجرد وللملبي ومن مات في حج أو عمرة أو بعد قدومه وما جاء في حج الماشي والراكب وفضل النفقة في الحج فعن بريدة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله الدرهم بسبعمائة درهم) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع بمكة (الحجاج والعمار وفد الله يعطيهم ما سألوا ويستجيب لهم فيما دعوا ويخلف عنهم ما أنفقوا ويضاعف لهم الدرهم ألف ألف درهم والذي بعثني بالحق الدرهم أثقل من جبلكم) أخرجه البيهقي في السنن وفي فصل الطواف بالبيت أورد المؤلف حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ينزل الله عز وجل كل يوم على هذا البيت عشرين ومائة رحمة: ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين) فضل الطواف ثم يورد المؤلف فائدة وهي أن مذهب مالك رحمه الله-أن الطواف للغرباء أفضل من الصلاة بخلاف أهل مكة. ثم يورد المؤلف أحاديث وآثارا حول الطواف عند نزول المطر والدعاء عند محاذاة الميزاب والملتزم والدعاء فيه حيث روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما بين الركن والباب ملتزم من دعا الله عنده من ذي حاجة أو ذي كربة أو ذي غم فرج الله عنه) وكذلك الدعاء عند الركن اليماني حيث روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (على الركن اليماني ملك موكل به منذ خلق الله السماوات والأرض فإذا مررتم به فقولوا (ربنا آتنا في الدنيا حسنة) فانه يقول آمين. وفي فضل استلام الحجر الأسود أورد المؤلف عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا ثم التفت فإذا هو بعمر رضي الله عنه يبكي فقال: يا عمر ها هنا تسكب العبرات رواه ابن ماجة والحاكم وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال: الحجر يمين الله في الأرض فمن لم يدرك بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله. فضل ماء زمزم وفي فضل الشرب من ماء زمزم أورد المؤلف ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما (ماء زمزم لما شرب له إن شربته تريد به الشفاء شفاك الله وان شربته لظمإ أرواك الله وان شربته لجوع أشبعك الله). فضل يوم عرفة وفي فضل يوم عرفة أورد المؤلف ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال (ما رئي الشيطان في يوم اصغر ولا ادحر ولا أحقر منه في يوم عرفة وما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله يباهي بأهل عرفات وأهل المشعر الحرام ملائكته فيقول: انظروا إلى عبادي جاؤوا شعثا غبرا أشهدكم إني قد غفرت لهم). آداب السفر للحج وفي الباب الثاني من الكتاب أورد المؤلف سفر الحج وفيه فصول الفصل الأول في الاستخارة فإذا عزم الحاج على السفر صلى ركعتين ينوي بهما الاستخارة ويستحب أن يقرأ في الأولى بقل يا أيها الكافرون وفي الثانية بقل هو الله احد فإذا سلم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: اللهم إني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك واسألك من فضلك فانك تقدر ولا اقدر وتعلم ولا اعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم إن لي في سفري هذا الوقت خيرا لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي وبارك لي فيه وان كنت تعلم أن لي في سفري هذا الوقت شرا لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به يا أرحم الراحمين. أدعية مأثورة في السفر والاستخارة وفي الفصل الثاني يورد المؤلف ما يؤكد على ضرورة أن يكون المال الذي سيحج به الحاج مالا طيبا حلالا فالله تبارك وتعالى طيب لا يقبل إلا طيبا وعندما يهم الحاج بالخروج إلى الحج من منزله يستحب له أن يتصدق بشيء عند سفره وان يصل رحمه إن أمكن ثم يورد حديثا روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما خلف احد عند أهله أفضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد سفرا) ومن أحسن ما يقول (اللهم بك استعين وعليك أتوكل اللهم ذلل لي صعوبة أمري وسهل علي مشقة سفري وارزقني من الخير أكثر مما اطلب واصرف عني كل شرّ، ربّ اشرح لي صدري ونوّر قلبي ويسّر لي أمري اللهم إني استحفظك واستودعك نفسي وديني وأهلي وأقاربي وكل ما أنعمت به علي وعليهم من آخرة ودنيا فاحفظنا أجمعين من كل سوء يا كريم) ويفتتح دعاءه ويختتمه بالتحميد لله تعالى والصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يورد المؤلف أدعية مأثورة أخرى كلها بإذن الله مباركة مرجوة القبول. أحكام الحج وفي الباب الثالث من الكتاب يدخل المؤلف في تفصيل أحكام الحج وصفته وأركانه. ويقول المؤلف: الأركان التي لابد للمحرم من الإتيان بها ولا يجزئ في تركها هدي ولا غيره هي: الإحرام وطواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة جزءا من ليلة النحر. الركن الأول: الإحرام والإحرام هو الدخول في حرمة الشيء وحرمة الشيء ما لا يحل انتهاكه. وسنن الإحرام: الغسل والتجرد من المخيط ويلبس إزارا ورداء ونعلين والركوع للإحرام واقله ركعتان والتلبية وهي لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. وعند الدخول إلى مكة يستحب للحاج أن يقول (اللهم إن هذا حرمك وأمنك فحرمني على النار وامني من عذابك يوم تبعث عبادك واجعلني من أوليائك وأهل طاعتك) وتدعو بما تحب. الركن الثاني: الطواف وطواف القدوم سنة لغير المكي وللطواف شروط: هي الطهارة وطهارة الخبث وستر العورة ويكره الكلام في الطواف وان يجعل البيت عن يساره وان يخرج الطائف بجملته عن البيت. وللطواف سنن أربع: هي الرمل والطواف ماشيا والدعاء واستلام الحجر الأسود. والركن الثالث: السعي فإذا رقى الحاج على الصفا قام مستقبلا البيت وقرأ (إن الصفا والمروة من شعائر الله) كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. الركن الرابع: الوقوف بعرفة وليقف الحاج طاهرا متوضئا فهو أفضل وليكن الوقوف بسكينة ووقار وليكثر الحاج من الدعاء لوالديه وأقاربه ومشايخه وأصحابه وأصدقائه وسائر من أحسن إليه وجميع المسلمين وليخلص الحاج التوبة وليترك الإصرار وليكثر من الاستغفار وليلزم الندم على سالف الذنوب وليلتزم الإقلاع عنها والعزم على أن لا يعود إليها والاستعانة بالله على ذلك وليجتهد الحاج في ذلك الزمن في الذكر والدعاء والابتهال فهو أفضل أيام السنة للدعاء وهو معظم الحج ومقصوده والمعول عليه وينبغي على الحاج أن يستفرغ جهده في ذلك وليحذر كل الحذر من التقصير في ذلك كله فإن ذلك اليوم لا يمكن تداركه بخلاف غيره وليكن للمسلمين من دعاء الحاج نصيب وافر فإن ذلك يزيد الحاج ولا ينقصه وينبغي على الحاج أن لا يتكلف السجع في الدعاء فانه يذهب الانكسار والخضوع والافتقار والمسكنة والذلة والخشوع ولتكن الأدعية المأثورة في القرآن الكريم والسنة النبوية الطاهرة والآثار الصحيحة أول ما يبدأ به الحاج دعاءه وضراعته لله تبارك وتعالى وبعد ذلك فعليه أن يدعو بما شاء وبما يفتح به الله عليه فانه في مقام يستجاب فيه الدعاء فليجتهد هناك انظر الصفحة268. هذا عرض مختصر لهذا الكتاب الهام “إرشاد السالك إلى أفعال المناسك” لمؤلفه برهان الدين إبراهيم بن فرحون والذي تولى تحقيقه مشكورا الأستاذ محمد بو الأجفان رحمه الله وهو خير ما يتزود به الحاج في هذه الرحلة المباركة فقد جمع فيه المؤلف كل الفوائد بحيث جاء شاملا لكل الجزئيات والتفاصيل وهو خير مرجع يمكن اعتماده من طرف الوعاظ والمرشدين والمرافقين لإنارة السبيل للحجيج فقد تضمن الأحكام والحكم والأسرار والفوائد التي قل أن نجدها مجتمعة في كتاب واحد.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.