أختام كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للقاضي عياض

أختام كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للقاضي عياض


سنة (ختم الشفا) خصوصية تونسية لا نجد لها نظيرا في كل ديار الاسلام مشرقا ومغربا ذلك ان كتاب (الشفا) وإن كان يقرأ ويدرس ويتبرك به في كل الحواضر والمدن وحتى القرى وحتى خارج بلاد الاسلام إلا أن انتظام أختامه بالكيفية التي يجري بها العمل في تونس هي بحق سنة تونسية حسنة حافظت عليها بلادنا وحرص على الإشراف عليها والمشاركة فيها وحضورها كبار شيوخ الزيتونة بل إن بعضهم مثل الشيخ محمد الزغواني رحمه الله يكاد اذا ذكر اسمه لا يذكر إلا مقترنا بكتاب (الشفا) للقاضي عياض فقد درسه في رحاب جامع الزيتونة الذي له باب يسمى (باب الشفا) وكذلك  درسه في جامع الحجامين حيث تولى الإمامة والخطابة إلى أخريات حياته رحمه الله وذلك لأكثر من أربعين سنة

         *كان الناس في تونس بمختلف فئاتهم الاجتماعية يحرصون على أن لا تفوتهم دروس الشيخ محمد الزغواني رحمه الله في شرح وبيان ما في هذا الكتاب العظيم الشأن من الفوائد والفرائد والفتوحات الربانية التي وفق الله اليها القاضي عياض رحمه الله فجاء بما لم يسبق إليه مما فيه رفع من شان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فدقق رحمه الله ونقب واستنتج ما جعل كتابه (الشفا) فريدا في بابه لم يات من جاء بعد القاضي عياض بمثله، ولإخلاص صاحب (الشفا) وتمحيصه لنيته وإرادته لوجه الله من عمله كتب الله لهذا الكتاب (الشفا) أن ينتشر بين الناس: مشرقا ومغربا حيث تقبله الجميع بترحيب كبير وتنافسوا في اقتناء واستنساخ هذا الكتاب وانكب عليه العلماء بالشرح والبيان وعقدت المجالس في البيوت وفي الزوايا وفي المساجد والجوامع من أجل ختمه تبركا بما فيه وتقربا الى الله بتلاوة ما أورده القاضي عياض مرتبا مبوبا منظما محكما آخذا بأعناق بعضه البعض مما هو كله ذكر لمحامد ومفاخر وكمالات وجمالات سيد الأنبياء والمرسلين من أرسله الله رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام

         *لم يترك القاضي عياض في هذا الكتاب شاردة ولا واردة ولا صغيرة ولا كبيرة مما يتعلق بخُلق وخَلق المصطفى صلى الله عليه وسلم إلا جاء بها حتى لكأنك تراه رأي العين أمامك صلى الله عليه وسلم، إنه فتح مبين وخير عظيم أجراه الله على قلم القاضي عياض فترك للأمة ذخيرة لا غنى للمسلم عنها كما لا غنى للباحث والدارس والراغب في التعرف على هذا الرسول الكريم والنبي العظيم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لا نبالغ فيما نقول فهذا الكتاب الذي هو سفر واحد جامع مانع لا يحتاج معه الى سواه في بابه وما تمحض عنه

         *وللتونسيين مع هذا الكتاب عشرة ولهم به تعلق وصبابة يستوي في ذلك عامتهم وخاصتهم ونساؤهم ورجالهم حتى ان العجائز جعلن (الشفا) ومعه (البخاري) قسما لا يقسمن به إلا على عظيم، فيقلن وهن بارات في ايمانهن (والشفا والبخاري) وما أبلغه من تعلق وما أصدقه من تمسك خالص لوجه الله وتقربا اليه بما يحب سبحانه وتعالى من عباده (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)

         *وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو علامة صدق الايمان وخلوصه وترسخه، فهو حب تكون نتيجته تذوق حلاوة الايمان شرطه (أن يكون الله ورسوله أحب للمؤمن مما سواهما) وهل يطمع المؤمن أن يكون مؤمنا حقا إذا لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب اليه من ماله وولده ونفسه التي بين جنبيه؟

         *كتاب الشفا ينظم له أهل تونس الأختام في بيوتهم وزواياهم ومساجدهم حيث توزع مختلف أجزائه التسعة عشر على الحاضرين في الختم فيستغرقون (كل في الجزء الذي بين يديه) في اتصال مباشر برسول الله صلى الله عليه وسلم ترفرف به الأرواح وتسبح إلى أعلى عليين حتى إذا بلغت التلاوة لأجزاء الشفا التمام والنهاية ارتفعت الأيدي الى الله بالدعاء والضراعة كي يتقبل هذا العمل ويجزي عليه من حضر ومن غاب ومن تسبب وحتى من طبع هذه الأجزاء التسعة عشر في طبعة جميلة أنيقة مشكولة مجلدة في ألوان متعددة لتكون صدقة جارية له رحمه الله رحمة واسعة وهو المحسن البر الحافظ لكتاب الله الذي لم يغب عن حلقة القرآن الاسبوعية في المغارة الشاذلية الى اسبوع وفاته رحمه الله المنعم المبرور الحاج الطيب قريسة (صاحب المطبعة العصرية بتونس)

         *ولا ينسى الحضور وهم في غمرة الدعاء والضراعة الى الله عقب ختم كتاب (الشفا) أن يدعوا لكل ذوي الحقوق عليهم من آبائهم وامهاتهم ومشائخهم وولاة الامور وسائر أفراد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها

         *سنة حميدة تعتز بها البلاد التونسية وتحافظ عليها بالاستمرار في إقامتها والاجتماع عليها وتفاخر بها أشقاءها الذين أخذوا والحمد لله  ينسجون على هذا المنوال ويقتبسون من هذه السنة التونسية الحميدة ويشدون الرحال لحضورها في المغارة الشاذلية وفي غيرها من الزوايا والمساجد (المسجد الكبير بمقرين) وفي البيوت خصوصا في شهري ربيع الاول (شهر مولده عليه الصلاة والسلام) وشهر شعبان الذي هو شهر رسول الله كما جاء في الحديث الشريف.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.