العشر الأوائل من ذي الحجة موسم للتزود بالطاعات والقربات

العشر الأوائل من ذي الحجة موسم للتزود بالطاعات والقربات


شهر ذي الحجة هذا الشهر المبارك موسم أعده الله لأمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كرما وجودا ومنة وإحسانا من رب العالمين للطاعات والقربات يتضاعف فيه الأجر والثواب لمن يعمل صالحا ويغتنم أيامه العشر الأوائل فيملاها بكل ما يرضي الله من قول أو فعل وهذه الأيام العشر موسم للطاعة وللصفح والعفو والتجاوز والإحسان يندرج في سمط مد متواصل لا يعرف الانقطاع على مدار العام وما دامت الحياة. إنها أبواب مفتوحة تنادي صباحا مساء هل من تائب؟ هل من مستغفر؟ هل من منيب إلى ربه؟ وهل من راجع إليه يطلب العفو والصفح على ما فات ووقع من الذنوب والسيآت؟ أبواب فتحها الله لهذه الأمة المرحومة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) هذه الأمة التي جعلها الله (خير أمة أخرجت للناس)، هذه الأمة التي لا فرق فيها بين ابيض واسود وعربي وعجمي وغني وفقير وذكر وأنثى إلا بالتقوى (إن أكرمكم عند الله اتقاكم) تقوى ذات خصوصية لا ينظر فيها الله إلى الصور والوجوه ولكن ينظر إلى القلوب والأفعال. فالقلوب هي محل التقوى (التقوى ههنا وأشار عليه الصلاة والسلام إلى صدره). والأفعال: هي الأقوال والأعمال وحتى ما تتحدث به النفس وما فيها من مشاعر وعواطف. وسبيل جعل هذه القلوب عامرة بالتقوى منعكسة بالخير على سائر أفعال أصحابها إنما يكون بالاهتداء بما جاء به سيد الكائنات عليه الصلاة والسلام الذي لم يترك فرصة من الفرص التي يمكن أن يجني منها المؤمن خيرا يجده عند ربه في صحائف أعماله إلا وهدى الأمة إليه وأرشدها ورغبها فيه. وما أكثر ما نبه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته من أبواب الخير ومواسم الطاعة هذه التي أعدها الله لعباده المؤمنين.إنها الصلوات المفروضة والنافلة، إنها الثلث الأخير من كل ليلة، إنها ليلة ويوم الجمعة، إنها رمضان بأثلاثه الأولى والثانية والثالثة، إنها ليلة القدر وغير ذلك وغير ذلك كثير مما لا يحصى له عدد ولا يضيعه إلا غافل أعمى البصيرة و(إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) ومن هذه الأيّام الأيام العشر الأوائل من هذا الشهر الذي يظلنا شهر ذي الحجة، شهر الحج إلى بيت الله الحرام الركن الخامس من أركان الإسلام (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) هذا الحج الذي إذا كان مبرورا ليس له ثواب إلا الجنة، في هذه الأيام المباركة يتنادى حجيج بيت الله الحرام من كل صوب وفج استجابة لنداء الرحمان (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق) إنهم هناك بثياب الإحرام تركوا الأهل والأموال والأوطان وجاؤوا إلى بيت الله الحرام (أول بيت وضع للناس) ملين مرددين (لبيك اللهم لبيك). لقد جعل الله هذه الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة موسما للطاعة بالحج بالنسبة لمن يسر الله لهم سبيله حيث صحح لهم أبدانهم ووسع عليهم أرزاقهم فوفدوا عليه ضيوفا مكرمين مبجلين لا تشغلهم عن طاعته مشغلة فهم بين طواف وسعي وصلاة وذكر ودعاء استعدادا لليوم الموعود حيث يقفون على عرفات يوم التاسع من هذا الشهر المبارك في مشهد لا يمكن وصف جماله وجلاله وعظمته انه مشهد التجلي الأعظم والتجرد الأكمل مشهد يتنزل له الله وملائكته ليقول جل وعلا (يا ملائكتي هؤلاء عبادي أتوني من كل فج عميق شعثا غبرا ألا أشهدكم أن قد غفرت لهم) إنها جائزة عظمى وهدية كبرى لا يمكن وصف فرحة الحاج بها ولا يرى إبليس اللعين أحقر منه في ذلك اليوم لما يراه من كرم الله وجوده على أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. ويشمل خير هذه الأيام من حج إلى بيت الله الحرام ومن لم يتيسر له ذلك إن هو اغتنم هذه الأيام في الطاعة وفي ما يقرب إلى الله من قول أو فعل فقد قال عليه الصلاة والسلام (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام يعني أيام عشرة ذي الحجة قالوا ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع بذلك). إنها أيام ذكر ودعاء وأيام صلاة وصيام وصدقة وإحسان يضاعف الله الأجر والثواب لمن يقدم فيها من القربات ما يجده بين يدي الله في صحائفه. وإذا كان حجيج بيت الله الحرام يتنعمون هناك بجوار بيت الله الحرام بما أعده الله لهم من فرص القبول والإحسان فإن أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام حيثما كانت يشملها هذا الثواب وتنال من الأجر بقدر ما تجتهد فيه في هذه الأيام المباركة من اجتناب لكل ما يغضب الله من أقوال وأفعال وبما تأتيه من الطاعات والقربات التي منها هذا السعي لإحياء سنة الأضحية اقتداء بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي أحيا هذه السنة الإبراهيمية التي ترمز إلى قمة الفدائية والطواعية والتضحية وبما يسبقه من صيام يوم التاسع من ذي الحجة، هذا اليوم الذي يستحب صيامه بالنسبة لغير الحاج وبما تأتيه من سائر أنواع القربات والطاعات فهي بهذا الصنيع تنخرط في سلك من وعدهم الله بالأجر والثواب في هذه الأيام المباركة من شهر ذي الحجة قال عليه الصلاة والسلام (أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي في هذه الأيام العشر لا اله إلا الله وحده لا شريك له).



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.