السِّيَادَةُ النَّبَوِيَّة مَشْرُوعَةٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الأَئِمَّة عِنْدَ ذِكْرِ اسْمِهِ الشَّرِيف صلى الله عل

السِّيَادَةُ النَّبَوِيَّة مَشْرُوعَةٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الأَئِمَّة عِنْدَ ذِكْرِ اسْمِهِ الشَّرِيف صلى الله عل


إِنَّ لَفْظَ السِّيَادَةِ هُوَ فِي الحَقِيقَةِ عَيْنُ سُلُوكِ الأَدَبِ، وَإِنَّ الإِتْيَانَ بِهَا أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهَا. وَذَلِكَ لِلأَدِلَّةِ التَّالِيَةِ: ١- قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي مَدْحِ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامِ: ﴿فَنَادَتْهُ المَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾. عِمْرَان ٣٩ . ٢- قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى البَاب﴾. يُوسُف ٢٥. ٣- قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَائَنَا﴾. الأَحْزَاب٦٧. وَأَمَّا الأَحَادِيثُ الشَّرِيفَةُ فَهِيَ كَثِيرَةٌ، فَمِنْهَا: ١- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:« أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ القَبْر، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّع». رَوَاهُ مُسْلِم. ٢- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي دَعْوَةٍ فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ وَكَانَت تُعْجِبُهُ فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً وَقَال:« أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ القَيَامَةِ». مُتَفَقٌّ عَلَيْهِ. ٣- وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ:« أَنَا سَيِّدُ المُؤْمِنِينَ إِذَا بُعِثُوا». ٤- وَفِي رِوَايَةِ الخَطِيب:« أَنَا إِمَامُ المُسْلِمِينَ وَسَيِّدُ المُتَّقِين». ٥- عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَال: صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى المِنْبَرِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَال:« مَنْ أَنَا؟» قُلْنَا رَسُولُ اللهِ، قَال:« نَعَم، وَلَكِنْ مَنْ أَنَا؟» قُلْنَا مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ بْنِ عَبْدِ مَنَاف، قَال:« أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْر». رَوَاهُ الحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَك بِسَنَدٍ صَحِيح. ٢- عَنْ سَهْلٍ بْنِ حُنَيْفٍ يَقُول: مَرَرْنَا بِسَيْلٍ فَدَخَلْتُ فَاغْـتَسَلْتُ مِنْهُ فَخَرَجْتُ مَحْمُومًا فَنَمَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال:« مُرُوا أَبَا ثَابِتٍ فَلْيَتَعَوَّذ»، قُلْتُ: «يَا سَيِّدِي وَالرُّقَى الصَّالِحَة»، قَال:« لَا رُقْيَةَ إِلاَّ فِي نَفْسٍ أَوْ حُمَّةٍ أَوْ لَدْغَة». رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد. وَمِنْ الأَدِّلَةِ عَلَى تَقْدِيمِ اِلْتِزَامِ الأَدَبِ مَعَهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى اِمْتِثَالِ الأَوَامِرِ مَا فَعَلَهُ سَيِّدُنَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لمَّا جَاءَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَؤُمُّ النَّاسَ فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يَثْبُتَ مَكَانَهُ فَلَمْ يَمْتَثِلْ ثُمَّ سَأَلَهُ بَعْدَ الفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ عَنْ ذَلِكَ فَأَبْرَى لَهُ أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ تَأَدُّبًا مَعَهُ صلى الله عليه وسلم قَائِلًا:« مَا كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلَمْ يُنْكِر عَلَيْهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم ذَلِك». وَكَذَلِكَ اِلْتزامُ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الأَدَبَ دُونَ امْتِثَالِ الأَمْرِ حِينَ كَتَبَ الكِتَابَ لِلْمُصَالحَةِ فِي الحُدَيْبِيَّةِ وَكَانَ فِيهِ لَفْظُ «رَسُولُ اللهِ» فَقَالَ سُهَيْل:« وَاللهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيتِ وَلَا قَاتَلْنَاك، وَلَكِنْ اُكْتُبْ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ» فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :« إِنِّي رَسُولُ اللهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي، اَمْحُهُ- أَيْ لَفْظَ رَسُولِ الله- فَقَال سَيِّدُنَا عَلِيّ:« وَاللهِ لَا أَمْحُوه»، وَمَحَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الشَّرِيفَة، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى الإِمَامِ عَلِيٍّ حُسْنَ أَدَبِه. قَالَ العُلَمَاءُ المُحَقِّقُون:« وَهَذَا مِنَ الأَدَبِ المُسْتَحَبِّ، فَكَذَلِكَ زِيَادَةُ لَفْظِ “السَّيِّدْ” عِنْدَ ذِكْرِ أَسْمَائِهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَدَبِ المُسْتَحَبّ». وَمِنَ الحَدِيث:« أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْر» قَالَهُ إِخْبَارًا عَمَّا أكْرَمَهُ اللهُ تَعَالَى بِهِ مِنَ الفَضْلِ وَالسُّؤْدَدِ، وَتَحَدُّثًا بِنِعْمَةِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَإِعْلَامًا لأُمَّتِهِ لِيَكُونَ إِيمَانُهُمْ بِهِ عَلَى حَسَبِهِ وَمُوجِبِهِ. وَلِهَذَا أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ « وَلَافَخْرَ» أَيْ: أَنَّ هَذِهِ الفَضِيلَةَ التِّي نِلْتُهَا كَرَامَةٌ مِنَ اللهِ لَمْ أَنَلْهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِي، وَلَا بَلَغْتُها بِقُوَّتِي، فَلَيْسَ لِي أَنْ أَفْتَخِرَ بِهَا. وَفِيهِ، أَنَّهُ قَالَ لِلأَنْصَار:« قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» يَعْنِي سَعْدَ بْنَ مُعَاذ. أَرَادَ أَفْضَلَكُمْ رَجُلًا. وَمِنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَة:« اُنْظُرُوا إِلَى سَيِّدِنَا هَذَا مَا يَقُول» هَكَذَا رَوَاهُ الخَطَّابِيّ، وَقَال: يُرِيد:« اُنْظُرُوا إِلَى مَنْ سَوَّدْنَاهُ عَلَى قَوْمِهِ وَرَأَّسْنَاهُ عَلَيْهِم». وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا:« أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهَا عَنِ الخِضَابِ فَقَالَتْ: كَانَ سَيِّدِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَكْرَهُ رِيحَهُ» أَرَادَتْ مَعْنَى السِّيَادَةِ تَعْظِيمًا لَهُ، أَوْ مِلْكَ الزَّوْجِيَّة، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى البَاب﴾. وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ الدَّرْدَاء:« قَالَت: حَدَّثَنِي سَيِّدِي أَبُو الدَّرْدَاء». وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَال:« إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَحْسِنُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّ ذَلِكَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ، وَقُولُوا: اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ وَإِمامِ المُتَّقِين». وَكَانَ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ يُنَادُونَ بَعْضَهُمْ بَعْضًا بِهَذَا اللَّفْظِ الذِّي يُشْعِرُ بِالتَّكْرِيمِ وَالإِجْلَالِ؛ فَقَدْ رَوَى الحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكْ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمَّا رَدَّ السَّلَامَ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَال:« وَعَلَيْكَ السَّلَامُ سَيِّدِي». ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول:« إِنَّهُ سَيِّدِي». وَمَا قَالَهُ الفَارُوقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:« أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا وَأَعْتَقَ سَيِّدَنا»؛ أَيْ سَيِّدَنَا بِلَالًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَكَاَو رَوَى الحَاكِمُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي حَقِّ حَمْزَة:« سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِب، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَه». وَقَالَ الإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرَ الكَتَّانِي فِي جَوَابٍ لَهُ فِي هَذِهِ المَسْأَلَة :« إِنَّ ذِكْرَ الإِسْمَ الشَّرِيفِ بِسِيَادَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ وَالتَّشْرِيفِ أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَى طَلَبِهِ وَاسْتِحْبَابِهِ فِي الجُمْلَةِ امْتِثَالًا لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى :﴿ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾. النُّور ٦٣. وَقَوْلُهُ جَلَّ شَأْنُه: ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوه﴾. الفَتْح ٩. وَقَدْ نَقَلَ كَاَ مَ ابْنِ حَجَر مِنَ الدَّرِّ المَنْضُودِ ثُمَّ قَالَ وَفِي عُمْدَةِ المُرِيدِ لِلشَّيْخِ إِبْرَاهِيمَ اللُّقَانِي عَلَى الجَوْهَرَةِ لَهُ فِي التَّوْحِيدِ، قَالَ أُسْتَاذُنَا:« وَلَا خِلَافَ فِي اسْتِعْمَالِ «السَّيِّد» فِيهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، وَإِنَّمَا الخِلَافُ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَكَرَّهَهُ قَوْمٌ وَأَجَازَهُ آخَرُون». وَرُوِيَ عَنِ الإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ –كَاَُ فِي كِتَابِ بَدَائِعِ الفَوَائِدِ- لَمَّا سُئِلَ عَنِ السِّيَادَةِ أَنَّهُ قَال:« كَيْفَ وَهُوَ صلى الله عليه وسلم قَالَ عَنِ الحَسَنِ أَنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّد، وَقَالَ لِلأَنْصَارِ لَمَّا أَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذ:« قُومُوا لِسَيِّدِكُمْ»، فَهُوَ سَيِّدُ السَّادَةِ وَخَيْرُ البَشَرِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْه».



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.