من هدي السنة النبوية:شكر من يحسن من شكر الله

من هدي السنة النبوية:شكر من يحسن من شكر الله


عن أبي عبد الرحمان عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لا يشكر الناس لا يشكر الله ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير.رواه الطبراني واحمد والبزار يتسم هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشمول والإحاطة لكل جوانب النشاط الإنساني لاسيما ما يتعلق بجانب السلوك والمعاملات التي اصطلح عليها بالأخلاق والتي جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي الغاية من بعثته للناس نبيا ورسولا وهاديا إلى الصراط المستقيم حيث قال عليه الصلاة والسلام (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ولا ينبغي الاقتصار في الأخلاق على الجوانب الشكلية، بل لا بد من أخذها في معناها الشامل لكل التصرفات ليس فقط الظاهرة بل حتى تلك التي لا يعلمها من الناس إلا الله الذي لا تخفى عليه خافية، وللإسلام نظرية متكاملة للأخلاق في الوفاء لها والتطابق معها وتجسيمها في حيز الواقع عين الصلاح والفلاح وتحقيق مرضاة الله ونيل درجة القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول: (هل أدلكم على أقربكم مني مجالسا يوم القيامة؟ قالوا: بلى. قال: أحاسنكم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون)، هؤلاء اقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فرضت العبادات إلا للوصول بالقائم بها إلى درجة الاستقامة (استقم كما أمرت) وقد سأل أحد الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلام أن يوصيه وصية يعمل بها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قل آمنت بالله ثم استقم). وفي سورة الفاتحة التي لا تصح الركعة دونها (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب)، فان المؤمن يدعو بقول ربه (اهدنا الصراط المستقيم) وقد كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة لامته أدبه ربه فأحسن تأديبه وجعله على خلق عظيم وقال جل من قائل في حقه: (وانك لعلى خلق عظيم) وأمر الله عباده المؤمنين بإتباعه عليه الصلاة والسلام والاقتداء به فقال جل مم قائل على لسانه صلى الله عليه وسلم: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله). وقال جل من قائل: (ولكم في رسول الله أسوة حسنة) ولقد كان عليه الصلاة والسلام بحق أسوة حسنة على خلق كريم رفيع في كل تصرفاته وفي كل أحواله مع الجميع القريب والبعيد والصغير والكبير. وهذا الحديث الشريف الذي أورده ابن أبي الدنيا في كتابه (قضاء الحوائج) يعلم المسلم خلقا كريما هو خلق الاعتراف بالجميل لأصحاب الجميل ذلك أن الإسلام يأبى على المسلم نكران الجميل ويأبى عليه الجحود ويأبى عليه اللؤم ويدعوه إلى مقابلة المعروف بالشكر، والشكر على المعروف درجات وقد عدت العبادة التي فرضها الله على عباده (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، ضربا من ضروب الشكر لله على نعمه التي لا تحصى ولا تعد ورغم أنه سبحانه وتعالى غني عن عباده لا تنفعه طاعاتهم كما لا تضره إساءاتهم ومع ذلك فانه سبحانه وتعالى لا يحب من عباده الكفر بكل أنواعه وألوانه بداية بالكفر بالله الخالق البارئ المصور المنعم واتخاذ اله سواه مما هو من قبيل الشرك فقال جل من قائل (إن الله لا يغفر أن يشرك به) ويكره الله لعباده الكفر بنعم الله التي تترى والتي هي في الإنسان وفي كل ما يحيط به، وفي سبيل أن تدوم على المؤمن نعم الله عليه وجب عليه أن يشكر مسبغ هذه النعم عليه والتي لا يستطيع حتى أن يحصيها (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها). ولذلك عدّ العجز عن شكره سبحانه وتعالى والاعتراف بذلك نوعا من أنواع الشكر. كذلك على المؤمن أن يشكر كل من انعم عليه وأسدى إليه معروفا وممن ينبغي على المؤمن أن يشكره على ما أجرى الله على يديه للمؤمنين رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بإتباعه وكذلك بالإكثار من الصلاة عليه وبمحبته أكثر من المال والولد والنفس التي بين الجنبين. وممن أوصى الله المؤمنين بشكرهما الوالدين فقال جل من قائل (وقضى ربك أن تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) وقد تعددت الآيات والأحاديث الداعية إلى حسن معاشرة الأبوين وشكرهما وبذل الجهد في ردّ بعض جميلهما واعتبر الإسلام عقوق الوالدين ونكران جميلهما من اكبر الكبائر. وهكذا فإن الإسلام وبالتدرج دعا المسلمين إلى شكر الناس على ما يقدمونه من معروف وعدم نكران ذلك ونسيانه. وهذا الحديث الذي بين أيدينا والذي يرويه النعمان بن بشير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يقول فيه (من لا يشكر الناس لا يشكر الله ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير). من هدي رسول الله القويم الذي يربي المسلمين على الاعتراف بالجميل لكل من يقدم لهم معروفا مهما كان هذا المعروف وهذا الجميل. ذلك أن اللؤم والتنكر ليس من خلق المسلم. فلا ينبغي للمسلمين أن ينسوا الفضل بينهم. فمن يقدر على إسداء معروف وتقديم خدمة ينبغي عليه أن لا يتأخر عن فعل ذلك ففي ذلك دوام لذلك الخير بين يديه. فالله الذي وهبه ذلك الخير ينظر ماذا يفعل به عبده فإذا سخره لخدمة عباده أبقاه الله بين يديه فإذا بخل بذلك فإن الله يحوله إلى غيره. ثم إن فاعل المعروف ينبغي عليه أن يفعل ذلك ابتغاء للأجر والثواب من عند الله حتى لا يحبط عمله لأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) وحتى إذا تنكر من أسدي إليه المعروف فإن الجزاء على ذلك المعروف لن يضيع (إن الله لا يضيع اجر المحسنين). والواجب على من أسدي إليه معروف أن يشكر من قام به، فذلك من تمام شكر الله المنعم الأول، فالمؤمن يشكر ربه أولا ثم يشكر من أسدى ذلك المعروف من عباد الله. والمكافأة على المعروف إذا لم يستطعها الإنسان فلا اقل من أن يدعو لصاحبها بخير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أسدى إليكم معروفا فكافؤوه فإن لم تستطيعوا فادعوا له بخير).



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.