محمد يونس مصرفي الفقراء ومؤسس بنك قرامين : الواقعية والقرب من الناس سر النجاح

محمد يونس مصرفي الفقراء ومؤسس بنك قرامين : الواقعية والقرب من الناس سر النجاح


أسندت جائزة نوبل للسلام لمن لقب بمصرفي الفقراء رجل الاقتصاد البنغلاداشي، الأستاذ محمد يونس وذلك تقديرا للتجربة الناجحة التي كان وراءها والتي انطلقت من بنغلاداش التي تعد من أفقر بلدان العالم لتنتشر في كل القارات من إفريقيا إلى آسيا وأوروبا وأمريكا والمتمثلة في إسناد قروض صغيرة بدون اشتراط ضمانات على الفقراء تمكنهم من كسب قوتهم وتوفير موارد عيش كريم، لقد تجاوز عدد هؤلاء المستفيدين بالقروض الصغيرة الستين مليونا. * إن الأستاذ محمد يونس رجل الاقتصاد البنغلاداشي الملقب بمصرفي الفقراء تخرج من الولايات المتحدة الأمريكية ثم عاد إلى بلاده قبل سنتين من العام التي شهدت فيها بنغلاداش أسوأ مجاعة (سنة 1974) كان محمد يونس أستاذا في جامعة مدينة “شتاقونغ” مسقط رأسه، كان يقول دائما لطلابه في دروسه (انه توجد حلول جيدة لكل مشكل) لقد هال محمد يونس ما رأى عليه أبناء وطنه من فاقة وحاجة وحرمان من ابسط ضروريات العيش، وهكذا دخل في مغامرة وتجربة فريدة تمثلتا في إقراض اثنتين وأربعين عائلة فقدت موارد عيشها مبلغ سبع وعشرين دولارا لكلّ عائلة، مكنها هذا المبلغ المقرض لها بدون ضمان من استئناف مسيرة عيشها الكريم وكانت هته العائلات عند حسن الظن بها والرهان على رغبتها في العيش الكريم بكدّ اليمين وسددت في الإبان هذا القرض. * في سنة 1983 أسس محمد يونس بنك “قرامين” بنك الفقراء والذي يقرض بدون اشتراط الضمانات وهكذا برهن محمد يونس وخلافا للأحكام المسبقة بأن الفقراء يسددون ما عليهم من ديون أكثر من الأغنياء إذا ما مُكّن الفقراء من هذه الفرصة فإنهم لن يضيعوها، وتمثل النساء الريفيات تسعة من عشرة من حرفاء بنك “قرامين” ورغم أن هذه التجربة الفريدة والناجحة لم تجد من بعض الأطراف المحافظة الترحاب والتشجيع، فان محمد يونس ثابر واستطاع أن يصل بحرفاء بنك “قرامين” إلى ستة ملايين ونصف المليون حريف عبر العالم بمبلغ خمس مليارات فاصل سبعة من الدولارات موزعة في شكل قروض صغرى أسندت بدون اشتراط ضمانات وبلغت نسبة السداد لهذه القروض 98% وهي نسبة عالية جدا حسبما يقول المصرفيون من أهل التجربة والخبرة في الميدان. * إن مبلغ القرض المسند هو بمعدل مائة وعشرين دولارا وهذه القروض تستعمل في توفير موارد عيش للأسر والعائلات في الريف وبالخصوص في صفوف النساء وقد ساعدت هذه القروض الصغيرة التي لا تشترط فيها ضمانات على توفير مساكن لائقة ومواجهة مصاريف تعليم أطفال تلك العائلات الفقيرة التي ما كانت لتتوفّر لها هذه الفرص في الحصول على المسكن ومواجهة مصاريف الدواء وتعليم الأبناء وضمان القوت لولا هذه القروض الاجتماعية والإنسانية والتي لم تكن تتعامل إلا مع الأغنياء وباشتراط الضمانات والتي -وذلك باعتراف القائمين على هذه المصارف الوطنية والدولية- ولا تصل نسبة استخلاصها لديونها إلا بنسبة ضئيلة جدا فضلا عن أن هذه الفئة من الأغنياء والموسرين لا تمثل إلا عددا قليلا جدا من عدد سكان كل البلدان وبذلك لا يكون مردود إقراضها شاملا لكل فئات المجتمع. * إن تجربة محمد يونس الملقب بمصرفي الفقراء والذي استحق أن تسند إليه تقديرا لعمله جائزة نوبل للسلام، تقسم مناصفة بينه وبين بنك “قرامين” الذي أسسه محمد يونس لهذا الغرض: إسناد قروض صغرى للفقراء بدون اشتراط ضمانات، وقد تبرع محمد يونس بنصيبه من الجائزة لتنفق على أبناء شعبه في ميادين تنمية الموارد البشريّة. * إن هذه التجربة الناجحة والتي استحقت هذا التقدير من الهيئات العالمية والمنظمات الإنسانية والاجتماعية والبنك الدولي والمؤسسات المصرفية، حيث نوهت بها وراجعت بمقتضى ما حققته هذه التجربة ما كان لديها من قناعات أساسها الأحكام المسبقة، تأتي هذه التجربة الناجحة، تجربة محمد يونس مصرفي الفقراء في محاربة الفقر ومعالجته معالجة جذريّة لتقضي على كل ما يترتب منه وينجرّ عنه من تهميش وإرهاب وعنف واضطراب، تأتي هذه التجربة على يدي عالم في الاقتصاد جمع بين النظري والتطبيقي الفعلي بحيث لم يعش محمد يونس في برج عاجي ولم يحجبه لقبه العلمي والشهادات التي عاد بها من أمريكا عن الواقع المعيش في بلاده حيث الفقر والحاجة والخصاصة والحرمان في المدن وفي الأرياف وفي صفوف الرجال وبين النساء. * ولم ينتظر محمد يونس مصرفي الفقراء أن تتنزل عليه وعلى فقراء بنغلاداش الموائد من السماء ولا أن تفتح على يديه الكنوز الوهمية المدفونة في باطن الأرض والتي لا يزال البعض يصدق أنه يمكن العثور عليها بتعاويذ وهرطقات لا تمت إلى التفكير السليم والإيمان الصحيح بأية صلة!! * ولم ينتظر محمد يونس مصرفي الفقراء أن يحصل على القروض والهبات من البنوك والمصارف الأجنبية التي لا يهمها أمر الفقر والفقراء في بنغلاداش والبلدان الشبيهة لها، لقد شمّر محمد يونس مصرفي الفقراء على ساعد الجدّ منطلقا في تجربته من إمكاناته الذاتية وعزيمته الفولاذية ومراهنته على طيبة وخيرية أغلبية أفراد شعبه من الفقراء ذكورا وإناثا وها هو ذا ينجح في تجربته ويكون المقوم لتجربته المثمن لنجاحه ليس أبناء جلدته ولا من يشتركون معه في الدين، دين الإسلام الذي يعطي قيمة كبيرة وأهمية عظمى للجانب الاجتماعي والإنساني ويجعل من المؤمنين الحقيقيين به كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى وفي سبيل تحقيق التآزر والتراحم وجعله واقعا معيشا بين أفراد المجتمع الإسلامي فرض الله الزكاة التي هي حق معلوم للفقراء في أموال الأغنياء ورغب في البذل والعطاء ابتغاء لوجه الله وتفريجا لكروب المكروبين. * لم يأت الاعتراف لمحمد يونس مصرفي الفقراء، بهذا النجاح لا من أبناء جلدته ولا من أتباع دينه من المسلمين كما لم يلفت هذا النجاح أنظار هيئات المسلمين وما أكثرها، ولا أريد أن أعدها حتى لا أحرجها!! بل جاء التنويه بتجربة محمد يونس مصرفي الفقراء من الآخر، أي غير المسلم، جاء التنويه من هيئات ومؤسسات لا يمكن أن تتهم بالميل أو المحاباة. * لقد استحق محمد يونس جائزة نوبل للسلام لهذا لأن السلام لا يمكنه أن يتجذر ولا يمكن للوعي به أن يتعمق ويصبح قناعة وممارسة إلا متى وقع التوجه إلى أسباب الحروب والفتن وعلل التطرف والإرهاب لاقتلاعها من جذورها والقضاء عليها نهائيا ولا يكون ذلك إلا بمحاربة الفقر والحاجة والحرمان والتهميش وذلك بتوفير موارد الرزق ومواطن الشغل للجميع، لكل مكونات المجتمع فطالما انه هناك محروم فهناك إمكانية لما يتصور وما لا يتصور من التصرفات غير المسؤولة وغير المعقولة.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.