زكاة الزرع

زكاة الزرع


من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين

(يسالونك قل..)للشيخ محمد الحبيب النفطي

ما هي زكاة الزرع؟ وما هو موعدها؟ وما مقدارها وما شروطها؟

فرض الإسلام الزكاة كقاعدة من قواعد الإسلام الخمس التي ذكرها الحديث النبوي القائل (بُني الاسلام على خمس: شهادة أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع اليه سبيلا)

ومن بين الزكاة المفروضة شرعا زكاة الزروع، وقد استدل الفقهاء على وجوب هذه الزكاة بقول الله تعالى في سورة البقرة (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض) وبقوله سورة الأنعام (وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله، والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه، كلوا من ثمره وإذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تُسرفوا إنه لا يحب المسرفين)

وتجب زكاة الزروع في القمح والذرة والأرز والفول والعدس وغيره من الزروع والثمار، لأن الآيات القرآنية الحكيمة دلت على ان الزكاة واجبة في كل ما أخرجته الأرض.

وميعاد زكاة الزرع مرتبط بجمع المحصول من الأرض فهي لا تشبه زكاة الذهب والفضة التي يشترط فيها مرور السنة على حيازة المال، فلو زرعت الأرض أكثر من مرة في السنة وجب إخراج الزكاة عن كل محصول إذا بلغ المحصول النصاب المحدد للزكاة أي بلغ الحد الأدنى الذي تجب فيه الزكاة.

وقد قال الفقهاء انه يجب إخراج زكاة الزرع عند تهيئة المحصول للاقتيات والادخار بتصفية الحب وتقشيره وتجفيف التمر حتى يكون الكيل أو التقدير مضبوطا ومقدار زكاة الزرع هو العشر أي 10% اذا كانت الأرض تُسقى بلا آلة أي بلا تعب أو مجهود، لأن الحديث النبوي يقول (فيما سقت السماء العشر) والمراد بالسماء هنا ماء المطر ونحوه.

ويجب في زكاة الزرع نصف العشر أي 5 % اذا كانت الأرض تُسقى بالآلة كالساقية أو آلة ري أخرى وقد جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا (أي يشرب بعروقه من باطن الارض) العشر، وفيما سقي بالضخ (أي بآلة السقي) نصف العشر)

وإذا كانت الأرض تُسقى أحيانا بالآلة، وأحيانا تُسقى بالراحة، فالعبرة بالغالب، فإن كان الغالب هو السقي بالآلة، فإن مقدار الزكاة يكون نصف العشر، وان كان الغالب هو السقي بالراحة فإن مقدار الزكاة يكون العشر، وان تساوى الأمران يكون مقدار الزكاة ثلاثة أرباع العشر (أي مقدار سبعة ونصف بالمائة) والزرع الذي تجب فيه الزكاة له نصاب، أي مقدار أو حد أدنى يبلغه أو يزيد عنه، والحد الأدنى لنصاب زكاة الزرع كما ورد في مذهب الامام مالك رضي الله عنه هو خمسون كيلة أي أربعة أرداب وكيلتان بالكيل المعروف في بلادنا. وقد استدلوا على ذلك بما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ليس فيما دون خمسة أو ساق من تمر ولا حب صدقة) والمراد بالصدقة هنا الزكاة الواجبة

والأوساق جمع وسق والوسق ستون صاعا، والصاع قدح وثلث القدح فالنصاب على هذا هو خمسون كيلة والخمسون كيلة هي أربعة أرداب وكيلتان واذا كان المحصول يدخر بقشره كما في الارز مثلا، فان نصاب الزكاة يكون عشر أوسق أي ثمانية أرداب وأربع كيلات

وعلى مخرج الزكاة أن يقدمها من أوسط درجات المحصول، فليس بمحتوم عليه شرعا أن يختارها من أحسن المحصول، ولو فعل ذلك اختيارا لما كان ممنوعا ويحرم عليه أن يقدم الزكاة من الدرجة الرديئة في المحصول، بان يختار أخبث ما فيه، لأن الله جل جلاله يقول في سورة البقرة (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه، واعلموا ان الله غني حميد) وعلى الانسان في هذه الحالة أن يتوسط وخير الامور أوسطها.

واذا كانت الأرض المزروعة أرضا مستأجرة، فإن جمهور الفقهاء يقررون ان الزكاة تكون على المستأجر، لأنه صاحب الزرع والمنتفع بالمحصول ولأن الآية الكريمة تقول (وآتوا حقه يوم حصاده) والمراد بالحق هنا حق الثمر، أي الزرع الحاصل من الأرض، وكذلك تقول الآية الأخرى (أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض) والخارج من الأرض هو المحصول وصاحب المحصول هنا هو المستأجر.

ويلاحظ ان زكاة الزرع لا يعفى منها أن يدفع صاحب الارض الخراج (والخراج هو المال المقدر على الارض من جهة الدولة) وهذا هو رأي جمهور الفقهاء، لأن الزكاة حق ديني والخراج حق مدني، وكل منهما واجب. وبعض الفقهاء يرى ان الخراج المدفوع على الارض يعفي من الزكاة وقال هذا البعض انه لا يجتمع زكاة وخراج ولكن القول الاول أرجح .

وتدفع زكاة الزرع للأصناف والمصارف التي تدفع اليها الزكاة الاخرى، وهي الاصناف المذكورة في قول الله تبارك وتعالى في سورة التوبة (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) ويتذكر مخرج الزكاة ان الله تبارك وتعالى شرع الزكاة لتكون طهرة للمال من جهة، وبركة فيه من جهة ثانية، وتحقيق التعاون والتراحم بين الناس من جهة ثالثة، والله جل جلاله يعد بالمضاعفة العظيمة لمن اطاع واستجاب فيقول في سورة البقرة (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف من يشاء والله واسع عليم) ويقول في سورة الحديد (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط واليه ترجعون)



الكلمات الشائعة

 

الشيخ محمد الحبيب النفطي

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.