حقوق الزوجين على بعضهما

حقوق الزوجين على بعضهما


السؤال: يقول سائل لم يذكر اسمه إنني قرأت في كتاب الكبائر للحافظ شمس الدين الذهبي ملخصا من رواية أن رجلا جاء يشكو من سوء خلق زوجته للخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فوجد زوجة سيدنا عمر تستطيل عليه بلسانها وسيدنا عمر ساكت ولم يرد عليها شيئا فتعجب الرجل من سكوت سيدنا عمر مع أن زوجته آذته كثيرا بلسانها فقال سيدنا عمر للرجل: (إنها طباخة لطعامي- خبازة لخبزي- غسالة لثيابي- مرضعة لولدي) وليس ذلك كله بواجب عليها. إذن فما هي الأشياء التي يجب على المرأة أن تقوم بها نحو زوجها. ذلك أن عمر رضي الله عنه قد ذكر الطبخ وغسل الثياب وإرضاع الأولاد أن هذه الأشياء ليس بواجب على المرأة أن تقوم بها لزوجها؟ أرجو أن تذكر لي الأشياء التي يجب على المرأة أن تقوم بها نحو زوجها.

الجواب: اعلم أيها السائل الكريم أن الله تعالى أمر بحسن معاشرة الزوجات فقال: (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) [الاية19] من سورة النساء. والمعنى فعسى أن يكون صبركم في إمساكهن مع الكراهية لهن فيه خير كثير لكم في الدنيا والآخرة، كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما- هو أن يعطف عليها فيرزق منها ولدا ويكون في ذلك لولد خير كثير، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يفرك مؤمن مؤمنة (أي لا يبغض مؤمن مؤمنة) أن سخط منها خلقا رضي منها خلقا آخر) رواه مسلم في صحيحه، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي). وليتأس المسلم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ هو أسوة وقدوة كل مسلم  فقد كان عليه السلام جميل العشرة مع أهله دائم البشر يداعب أهله ويتلطف معهم ويوسع عليهم في النفقة ما أمكنه وكان يضاحك نساءه حتى إنه كان يسابق في العدو (الجري على الأقدام) أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يتودد لها بذلك. سأل رجل النبي -عليه السلام- فقال: "يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا علينا؟ قال: (أن تطعمها إذا طعمت وأن تكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح أي لا تقل لها قبحك الله ولا تهجر إلا في البيت أي لا تترك مكالمتها إلا مضاجعتها في الفراش إن شئت حتى تصطلحا) رواه ابو داوود في سننه. ولا يجوز للمسلم أن يهمل النفقة على زوجته من إطعام وإكساء ومواد زينة بالمعروف على قدر وسعه، قال صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت) رواه ابو داوود والنسائي والحاكم.

أما حقوق الزوج على زوجته فهي أن لا تأذن بالدخول لمن يكرهه زوجها عند غيبة الزوج وأن لا تخرج إلى أي مكان إلا بإذن زوجها وأن لا تطيع أحدا فيما يضر بزوجها سمعة أو مالا وأن لا تعتزل فراشه .

أما خدمة الزوجة لشؤون المنزل من طبخ وغسل للثياب وإرضاع للأولاد وجلب للماء إن كان بعيدا عن المنزل واحتطاب وحصد للزرع وحرث إلى آخره فان هذه الأشياء كلها ليس بواجب على المرأة أن تقوم به لزوجها شرعا لكنه يصبح واجبا على المرأة أن تقوم به لزوجها إذا جرى به العرف والعادة لأن العادة محكمة إذا لم تصطدم مع نص قرآني كريم أو حديث نبوي شريف أو إجماع من يعتد بإجماعهم من علماء الأمة وخصوصا في حق نساء الأرياف والبوادي فإنه يجب عليهن أن يقمن بهذه الأشياء المذكورة آنفا، قال الشيخ خليل -رحمه الله- وهو من فقهاء المالكية في معرض ذكر ما يجب على الزوج أن يوفره لزوجته خصوصا إن كان مليا وعليه جلب الماء لشربها وطهارتها والزيت والحطب والملح واللحم مرة بعد مرة للقادر عليه والحصير والسرير عند الحاجة إليه واجرة القابلة عند الولادة. والزينة التي تتضرر المراة بتركها كالكحل والدهن المعتادين وعليه اتخاذ خادم لزوجته إن كان مليا وجرى العرف بذلك وكان الرجل ممن لا يمتهنون نساءهم أي يستخدمونهن، قال ابن عاصم في منظومته (تحفة الحكام) عند ذكره للزوم اتخاذ خادم لخدمة الزوجة من قبل زوجها وكانت زوجته اهلا لذلك:

ومن عن الاخدام عجزه ظهر *  لا طلاق وبهذا الحكم اشتهر

قال الشيخ ميارة شارح منظومة ابن عاصم: يعني أن الزوج إذا قدر على نفقة زوجته وكسوتها وعجز عن إخدام زوجته مع كونها أهلا للخادم فإنها لا تطلق عليه على القول المشهور بل يجب على الزوجة أن تقوم بخدمة بيتها ولا يسمع قولها إن رفعت شكوى إلى القاضي في طلب إخدامها أو الطلاق. هذا ما ورد أيها السائل الكريم في هذه المسألة التي سألت عنها والله الموفق.



الكلمات الشائعة النفطي الإسلام الزوج الزوجة

 

الشيخ محمد الحبيب النفطي

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.