تصحيح المفاهيم:الجهاد دفاع عن النفس ونصرة للحق وهو غير الفتنة وسفك الدماء

تصحيح المفاهيم:الجهاد دفاع عن النفس ونصرة للحق وهو غير الفتنة وسفك الدماء


الشهادة والشهداء مصطلحان يحملان معاني البقاء والخلود ودوام الحياة والفوز بالجنة في أعلى عليين. فقد اعتبر الإسلام أن هؤلاء الذين يصدقون ما عاهدوا الله عليه ويضحون بأغلى ما يملكون وهي حياتهم بأنهم عند الله في ارفع المنازل وأعلاها بجوار النبيين والمرسلين إنهم وان سقطوا في ساحات القتال صرعى موتى فإنهم أحياء عند ربهم يرزقون وما ذلك إلا لأنهم قبلوا أن يشتري منهم الله أنفسهم فاستجابوا راغبين وعن طواعية وبحماس لإمضاء هذه الصفقة الرابحة فكان جزاؤهم عند ربهم فوزا عظيما يقول جل من قائل: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله. فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم) التوبة111. إن الشهداء هم أناس سمت مشاعرهم وصفت أرواحهم وقوي إيمانهم وصدقوا بما وعدهم به ربهم فجادوا بأنفسهم في سبيل الله متحررين من كل ضغوطها وأهوائها متغلبين على قرينها الشيطان اللعين الذي له ألف مدخل ومدخل لأنفس بني آدم ولكنه ليس له سلطان على من قال في حقهم المولى جل من قائل: (إلا عبادي ليس لك عليهم سلطان) لأجل ذلك فان الله تبارك وتعالى ميز المجاهدين وفضلهم عن غيرهم من القاعدين حيث قال جل من قائل: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) النساء 95-96. فذلك هو عدل الله وقسمته بين عباده وفي أبواب الخير والفضل فليتنافس المتنافسون. * إن الجهاد في سبيل الله من اجل تحرير الأوطان والدفاع عن المستضعفين من النساء والشيوخ والولدان ومن اجل استرداد الحقوق المغتصبة مما ندب إليه الله عباده وحرضهم عليه ووعدهم به إن هم استجابوا لنداء الواجب بالأجر العظيم والثواب الكبير، إنها التجارة مع الله وهي تجارة رابحة لا يخشى كسادها يعبر عنها ابلغ تعبير كتاب الله العزيز في العديد من الآيات القرآنية التي لا يمكن استعراضها كلها فمن ذلك قوله جل من قائل (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين) الصف 10 و 11و12 و13. والآيات كثيرة في باب الجهاد والشهادة والقتال في سبيل الله والتضحية والفداء. وجاءت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينة لهدي القرآن وحضه للمؤمنين على سلوك هذا الدرب الموصل إلى إحدى الحسنيين إما الشهادة أو النصر المبين وكلاهما خير. * من هذه الأحاديث ما يرويه انس بن مالك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها) متفق عليه. * وما يرويه أبو سعيد الخدري قال أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي الناس أفضل؟ قال: مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله قال ثم من؟ قال مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره) متفق عليه وعن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتنة القبر) رواه أبو داود والترمذي. * وقد وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم مجالات الشهادة فيما يرويه أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الشهداء خمسة المطعون المبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله) متفق عليه. * وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما تعدون الشهداء فيكم؟ قالوا يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد قال: إن شهداء أمتي إذن لقليل قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في الطاعون فهو شهيد ومن مات في البطن فهو شهيد والغريق شهيد) مسلم. * وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قتل دون ماله فهو شهيد) متفق عليه. * وعن أبي الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أحد العشرة المشهود لهم بالجنة رضي الله عنهم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون أهله شهيد) رواه أبو داود والترمذي. فأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الباب: باب الجهاد والشهادة كثيرة لا تحصى وهديه عليه الصلاة والسلام العملي في الغزوات التي خاضها في بدر وأحد وغيرهما خير شاهد على أفضلية الجهاد والشهادة في سبيل الله الأمر الذي دفع بأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى الاستجابة لنداء الواجب ورفع الظلم والضيم وتحرير الضعاف وتخليص الأوطان واسترجاع الحقوق من المغتصبين المعتدين. * وحروب المسلمين عبر تاريخهم الطويل حروب نظيفة عادلة لا ظلم فيها ولا عدوان، إنها تخاض لإعلاء كلمة الله وتخاض من اجل الدفاع عن النفس والأهل الأوطان وقد كانت حروب المسلمين تتوج بالنصر الذي وعد به الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين حين قال جل من قائل (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) كما تتوج بجحافل من الشهداء الذين يكرمهم الله تبارك وتعالى ويصطفيهم ليكونوا في أعلى عليين أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم من فضله لا يتمنى الواحد إلا أن يرجع إلى الدنيا ليقتل ثانية في سبيل الله وذلك لما يجده الشهيد من منزل صدق عند ربه سبحانه وتعالى. لقد اخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الجهاد ذروة وسنام وانه ماض إلى يوم القيامة كما نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته من مغبة ترك الجهاد من أجل تحرير الأوطان ونيل الحقوق واستردادها ودفع الظلم والعدوان حيث قال عليه الصلاة والسلام (وما ترك قووم الجهاد إلا ذلوا). ولكن الجهاد والشهادة بقدر ما رغب فيهما الإسلام ودعا إليهما المؤمنين فانه أحاطهما بما ينبغي من الوقاية والتحصين حتى لا يلبس الشيطان والنفس الأمارة بالسوء بعض الأفعال الشنيعة ليظهراها في مظهر الجهاد والشهادة ونعني بذلك التحذير من الفتنة والقتل وسفك الدماء والظلم والعدوان وقتل المسلم البريء الضعيف وترويعه فكل ذلك لا يمكن أن يدخل في الجهاد والشهادة، فقتل نفس بشرية واحدة ظلما وعدوانا وغدرا هو كقتل الناس جميعا (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا) لأجل ذلك فإن علماء الأمة في مختلف العصور اتفقوا على شرعية الجهاد من اجل تحرير الأوطان ورفع المظالم واسترداد الحقوق واعتبروا من يموت في سبيل ذلك شهيدا. كما أن علماء الأمة اتفقوا على أنه لا يمكن أن يدخل في الجهاد الإرهاب وقتل الأبرياء وترويع الآمنين ونشر الفتنة والدماء والدموع فكل ذلك حرام في دين الإسلام ذكر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (ألا وأن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة الشهر الحرام والبلد الحرام ألا هل بلغت اللهم فاشهد).



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.