أسماء الله الحسنى حسنة في الأسماع والقلوب

أسماء الله الحسنى حسنة في الأسماع والقلوب


يقول الله تعالى: “ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون” صدق الله العظيم الآية 180 من سورة الأعراف هذه الآية من سورة الأعراف ترشد المسلم إلى باب عظيم الشأن من أبواب الدعاء والضراعة، وهذا الباب من طرق منه مولاه وخالقه سبحانه وتعالى يكون جزاؤه نيل المبتغى والمراد الذي هو إجابة دعائه. والدعاء مخ العبادة، بل الدعاء هو العبادة لأن في الدعاء تجسيما للعبودية الكاملة المطلقة وفيه التعبير الفعلي عن الافتقار لله وتلك حال المؤمن الحق مع ربه إذ لا غنى له عن مولاه ولا مفر منه إلا إليه وفي هذا الافتقار والاحتياج لله سبحانه وتعالى عزّ. وفي التبرؤ من الحول والطول منتهى القرب من الله وهذا هو معنى قولنا (لا حول ولا قوة إلا بالله). لقد ورد في الحديث الشريف أن الله تبارك وتعالى يحب من عبده أن يسأله حتى ملح طعامه، أي يسأله الأمر الكبير العظيم الذي لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى ويسأله الأمر الصغير الحقير وفي ذلك تعبير فعلي عن الافتقار إلى الله في كل شيء وهذه في واقع الأمر حال جميع الكائنات والمخلوقات ولكن البعض ينكرها وان كان في حقيقة الأمر والواقع ليس له حول ولا طول (قل كل من عند الله) فهو سبحانه وتعالى المعطي وهو النافع، هو المحي وهو المميت وهو الأول وهو الآخر، يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء وهو سبحانه وتعالى من يعزّ وهو من يذل بيده سبحانه وتعالى الخير وهو على كل شيء قدير. كيف لا يكون حال المؤمن مع ربه حال تسليم وتفويض؟ وذلك لا يتعارض إطلاقا مع الطلب والدعاء فالله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء ويختار، والخير دائما فيما اختاره الله ولأجل ذلك فإن المؤمن يدعو ربه بل ويلحّ في الدعاء ثم بعد ذلك يرضى بما قسم له الله معتقدا قلبا وقالبا لسانا وحالا بأن الخير كل الخير فيما اختاره الله. إذا تأخر عن العبد أمر طلبه من ربه فليعلم إن الله قد ادخر له اجر ذلك الدعاء إلى الدار الآخرة أو انه صرف عنه بذلك الدعاء بلاء لا يراه، أو انه يعجل له بالاستجابة في هذه الحياة الدنيا وفي كل ذلك الخير كل الخير للعبد المؤمن. قوله تعالى (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) قال القرطبي فيه أمر بإخلاص العبادة لله ومجانية المشركين والملحدين. قيل نزلت هذه الآية (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) في رجل من المسلمين كان يقول في صلاته (يا أرحم الراحمين) فقال رجل من مشركي مكة: أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون ربا واحدا فما بال هذا يدعو ربين اثنين فانزل الله سبحانه وتعالى (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها). وفي الحديث المتواتر يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة) ومعنى أحصاها عدها وحفظها قال القرطبي (من الأسماء (أسماء الله الحسنى) ما اجتمع عليه وما اختلف فيه، ومما وقفنا عليه في كتب أئمتنا ما ينيف على مائتي اسم). والأسماء جمع اسم واقع على التسميات قال القرطبي والذي يذهب إليه أهل الحق أن الاسم هو المسمى أو صفة له تتعلق به. (لله تسعة وتسعون إسما من أحصاها دخل الجنة) أي انه له تسعا وتسعين تسمية بلا خلاف وهي عبارات عن كون الله تعالى على أوصاف شتى منها ما يستحقه لنفسه ومنها ما يستحقه لصفة تتعلق به.. ويمضي القرطبي قائلا (سمى الله سبحانه وتعالى أسماءه بالحسنى لأنها حسنة في الأسماع والقلوب فإنها تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته وأفضاله) انظر الصفحة 226 من الجزء السابع من تفسير الجامع لأحكام القرآن. قوله تعالى (فادعوه بها) أي اطلبوا منه بأسمائه فيطلب بكل اسم ما يليق به تقول يا رحيم ارحمني يا حكيم احكم لي، يا رزاق ارزقني يا هادي اهدني يا فتاح افتح لي يا تواب تب عليّ هكذا فإن دعوت باسم عام قلت: يا مالك ارحمني يا عزيز احكم لي، يا لطيف ارزقني وان دعوت بالأعز الأعظم فقلت: يا الله فهو متضمن لكل اسم ولا تقول: يا رزاق اهدني إلا أن تريد يا رزاق ارزقني الخير قال ابن العربي وهكذا رتب دعاءك تكن من المخلصين. انتهى منقولا من تفسير الجامع لأحكام القرآن. وأورد القرطبي رأي ابن العربي الذي ادخل عدة من الأسماء في أسمائه سبحانه مثل: متم نوره وخير الوارثين وخير الماكرين، ورابع ثلاثة وسادس خمسة والطيب والمعلم وأمثال ذلك. جاء في صحيح مسلم “الطيب” وخرّج الترمذي “النظيف” وخرج ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه (ربّ أعنّي ولا تعن عليّ وانصرني ولا تنصر عليّ). قوله تعالى (وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يفعلون) والإلحاد الميل وترك القصد وهو ما يفعله المشركون فقد عدلوا بها (عن أسماء الله) عما هي عليه فسموا بها أوثانهم فاشتقوا اللات من الله والعزى من العزيز ومناة من المنان قاله ابن عباس وقتادة. قال ابن العربي (فحذار منها (ذكر الله بغير ما يذكر من أفعاله) ولا يدعون أحدكم إلا بما في كتاب الله والكتب الخمسة وهي البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي فهذه الكتب التي يدور الإسلام عليها وقد دخل فيها ما في الموطإ الذي هو أصل التصانيف وذروا ما سواها ولا يقولن أحدكم اختار دعاء كذا أو كذا فان الله قد اختار له وأرسل بذلك إلى الخلق رسوله صلى الله عليه وسلم). وقد قيل في قوله تعالى (وذروا الذين يلحدون) معناه اتركوهم ولا تحاجوهم ولا تعرضوا لهم.. انتهى مختصرا من تفسير الجامع لأحكام القرآن.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.