حسن التصرف مناط الفوز والنجاح

حسن التصرف مناط الفوز والنجاح


أودع الله سبحانه وتعالى في الانسان طاقات عجيبة تخول له بحق مركز الخلافة في الأرض الذي لم يعط لغيره والذي كان لعظمته مثار استغراب وتساؤل من قبل الملائكة الأطهار الذين نظروا للانسان من ناحيته الحيوانية المجردة: الإفساد في الأرض وسفك الدماء وغفلوا عن ناحيته الأخرى التي هي ناحية البناء والتعمير: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال إني أعلم ما لا تعلمون) هذه الطاقة العجيبة وما تبعها من نعم أخرى أصلية وفرعية ومكتسبة تبدو عظيمة ورائعة إذا توجت بحسن التصرف الذي هو وحده مناط الفوز والنجاح في كل مجال من مجالات الحياة، ذلك أن نعم الله التي لا تحصى أعطيت لكل فرد حسب حاجته ومؤهلاته وأخذ منها بقدر ما بذل من تضحيات وجهود وقليل هم الذين حرموا من كل شيء إن لم أقل لا وجود لهم بتاتا غير ان النعمة قد تكون عند من يعطل انطلاقها ولا يحسن التصرف فيها فتصبح رصيدا مجمدا يعيش صاحبه كالتائه الذي اختلفت عليه السبل واشتبهت أمامه المسالك فلا هو حسب نفسه من الفقراء الذين يتعين عليهم أن يكدحوا من أجل التحصيل على ثروة جديدة ولا هو استطاع أن يطلق سراح ثروته تلج الأسواق وتجلب الأرزاق بقيت هذه النعمة التي تشل حركة صاحبها وتتركه ينظر إليها نظر المغشي عليه من الموت، بئس هذا التصرف السخيف الذي يجرد الانسان من أعظم خصائصه وأجل معطياته فيعيش مشلول الحركة معطلا لجلب الخير والمنفعة على الناس، بل وعلى نفسه أيضا في حين أن الخير ما خلق إلا لتشع أنواره وليقتبس عنه ما هو في حاجة إليه. وكلمة الخير هذه منصرفة إلى كل معانيها التي أولها التكريم الذي حضي به الانسان ثم تأتي بقية النعم الأخرى متدرجة مع سلم قيمها وفي جميعها يبدو حسن التصرف ركنا أساسيا بدونه تنقلب النعمة نقمة أو على الأقل منعدمة فالعالم الذي لا ينتفع بعلمه ولا ينفع به الناس قد يفضله الجاهل الذي يعيش بفطرته السليمة وتخلو شخصيته من كل تعقيد. والغني الذي يحكم إغلاق خزائنه ويبخل بماله على نفسه وعلى كل ذي حاجة من إخوانه هو أشد شقاء وتعاسة من ذلك الكادح الذي يأكل رغيفه مبللا بعرق جبينه قانعا بما قسم الله له راضيا بنصيبه الذي لم تتح له المقادير أكثر منه ورغم ذلك قد يتنازل عنه بكل سرور لمن هو أشد منه حاجة إليه: أو يشرك فيه من مد إليه عينيه بلهفة واحتراق. والذي أكرمه المولى سبحانه وتعالى بنعمة الإسلام وفتح قلبه على ما فيه من أسرار وأنوار وأهله لفهم ما اشتمل عليه الذكر الحكيم من توجيهات لا يتطرق إليها الخطأ تتطابق مع كل زمان ومكان تسبق التطور البشري كيفما كان.قلت هذا الذي أكرمه الله بنعمة الإسلام إنما يقال فيه أنه سعيد ومنعم وعظيم إذ شوهدت آثار النعمة عليه واستطاع أن يتصرف فيها بحكمة حتى يكون المكيف الوحيد لمنهجه وسلوكه بحيث تطابق أفعاله ما يتفوه به من كلمات مشرقة أخاذة ككلمة الفضيلة والمثل والأهداف السامية وما إلى ذلك. ولقد رأى المجتمع البشري صورا حية لهذه الحقيقة في الصدر الأول من عهود الإسلام يوم أن عرف الخاص والعام أن الإسلام عقيدة وعمل. ودين و دنيا ومعاملة وعبادة فأحسنوا التصرف في النعمة المخولة لهم وسادوا رغم جميع الخصوم لأنهم تحاشوا أن يكونوا مصداق قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)

الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.