من هدي الإسلام في التوعية بحقوق المرأة

من هدي الإسلام في التوعية بحقوق المرأة


للمرأة في الإسلام مكانة سامية ومركز مرموق أعطاه لها عن جدارة واستحقاق تفضّلا من ربّها وخالقها ومنة منه عليها يستحق بها الاعتراف والشكر، فالنساء شقائق الرجال منهما وبهما يستمر في هذا العالم العمران فما من كائن بشري مهما علا شأنه وارتفع أو تواضع وانخفض إلا ابن امرأة ورجل وهكذا أراد الله اللهم إلا من كان في خلقه أو بعثه إلى الحياة معجزة مثلما هو الحال بالنسبة لأبي البشر آدم عليه السلام الذي خلقه الله من طين وسواه بشرا ثم نفخ فيه من روحه أو عيسى ابن مريم عليه السلام التي نفخ الله فيها من روحه فأنجبت بإذنه تعالى عيسى عليه السلام وما دامت المرأة نصف المجتمع البشري وركنه الذي لا يُهد فكيف استساغت عقول بعض البسطاء في الجاهلية فاعتبروا المرأة عارا وشنارا في جبين أبويها يحرصان على إخفائه عن الأعين ويسعيان إلى طمس معالمه؟ ! ولقد صوّر القرآن هذا الظلام الدامس والجاهلية الجهلاء التي كان عليها الناس قبل سطوع نوره وإشراق هديه فقال جل من قائل (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون) النحل، ولو التفت هؤلاء إلى المجتمع من حولهم أو الى أنفسهم لرؤوا رأي العين ان كل رجل ما هو إلا ابن امرأة أو أخ لامرأة أو أب امرأة أو زوج امرأة فما بالهم يُنكرون؟ ! لقد كانت المرأة في ذلك المجتمع مظلومة مقهورة يُستمتع بالبعيدة فتمتهن كرامتها وتُباع وتُشترى ويتخلص من القريبة ويُستعار منها فأي ذنب اقترفت وأي جرم ارتكبت؟ أ لأنها أنثى !! (وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قُتلت) التكوير ولم تكن ظروفها خارج المجتمع العربي أحسن بل لعلها أسوأ فقد بلغ بهم الأمر في روما وأثينا وغيرهما من حواضر وعواصم الامبراطوريات ان يعقدوا الندوات ويتداولوا النقاش حول أصل المرأة ونوعية جنسها فلم ترتفع عن المرتبة الحيوانية !! وحتى الشيطانية في نظرهم الساذج إنها كائن خلق لإسعاد الرجل ومتعته وقضاء حوائجه ليس لها من حق معه ولا يمكن ان يرتفع لها صوت هنالك صدع الإسلام برأيه واعلن حكمه الفصل وقضاءه العدل بأن( النساء شقائق الرجال )أحمد أبو داود، لهن ما للرجال وعليهن ما على الرجال لذلك جاءت أوامر الاسلام ونواهيه للرجل والمرأة على حد السواء: اعتقادا وايمانا وعبادات ومعاملات اللهم إلا ما يتلاءم مع خلقة أحدهما فإنه قد خُص كل منهما بما لم يختص به الآخر تحقيقا للتكامل فيما بينهما وهو تكامل يحقق الانسجام بينهما، فالحسنة من المرأة حسنة كاملة غير ناقصة، والسيئة منها سيئة تماما مثل الرجل، فالمرأة كائن انساني مكرم في نظر الاسلام راشدة ذات مدارك سليمة سيدة مواقفها يصدر عنها الخير كما يصدر عنها الشر تماما مثل الرجل، فهي مكلفة في الاسلام بما كلف به الرجل وتجازى على عملها صالحا أو فاسدا كما يُجازى الرجل يقول جل من قائل ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) النحل فالعمل الصالح من الذكر والأنثى جزاؤه من الله سبحانه وتعالى في الحياة الطيبة الأجر الحسن على ما كانوا يعملون، إن كل ما يتحلى به الرجل من الصفات والأخلاق الفاضلة وكل ما يأتيه من الأعمال الحسنة يمكن ان تأتيه المرأة وتتحلى به فلا عجب ان نقرأ هذا الخطاب الإلهي إلى المرأة إلى جانب خطابه إلى الرجل فهما سيان عند الله (ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما وما كان لمؤمن ومؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ان يكون لهم الخيرة من أمرهم ) الأحزاب، هذا كتاب الله ينطق وحكمه يفصل بين المرأة والرجل فما من خير وفضل وعمل صالح يأتيه الرجل إلا ويمكن للمرأة أن تأتيه بل وتفوق فيه الرجل في كثير من الأحيان بذلك قضى الله وحكم ففصل الأمر وقطع كل جدال فالأمر بين واضح: ان الله هو خالق الذكر والأنثى وأنهما إذا ما أرادا مرضاة ربهما وإصلاح أمرهما في عاجل دنياهما وآجل أخراهما ما عليهما ذكرا وأنثى إلا أن يقفا عند حدود الله فلا يتخطاها أي واحد منهما ولا يتجاوزها أو يتعداها ومن فعل ذلك منهما فقد ظلم نفسه، ليس بين المرأة والرجل في الإسلام قطيعة أو صراع أو عداء وكيف يكون العداء وقد خلقا من بعضهما يقول جل من قائل في مورد المن على عباده (ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) الروم؟ فمثلما تجازى المرأة في الاسلام على عملها الصالح فإنها تتحمل أيضا مسؤولية كل ما تأتيه يقول جل من قائل (ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات) الأحزاب (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما عظيما) الأحزاب (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) المائدة (كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) البقرة فهذه الآيات المحكمات تبين مسؤولية المرأة مثل الرجل على ما تأتيه من أعمال وهذه المسؤولية دليل الرشد والأهلية تنفي كل نقص عنها أو وصاية عليها وهذه الأحكام المنزلة من رب العالمين أو الموضحة من طرف سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام لا تترك مجالا للنقاش في المكانة البارزة والمرموقة التي أعطاها الإسلام للمرأة فإذا هي في بعض العصور افتكت منها حقوقها ووقع التعدي عليها واستنقاصها وامتهانها في كرامتها وكفاءتها فالمسؤولية لا يتحملها الإسلام إنما يتحملها المسلمون الرجال بتعديهم لحدودهم وجهلهم بحقيقة أحكام دينهم وتتحملها النساء بتسليمهن وعدم تمسكهن بما أعطاه لهن خالقهن سبحانه وتعالى لقد طمأن القرآن الكريم المرأة المسلمة في عديد الآيات إلى أن الله لا يضيع لها عملا صالحا قدمته ولا يبخسها أعمالها يقول جل من قائل (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر وأنثى بعضكم من بعض) آل عمران ولا عجب أن يتلقى المسلمون الأوائل من ربهم هذه الأحكام البينات بصدر رحب ورضا تام واطمئنان كبير ويقولوا ذكورا وإناثا (سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) البقرة خصوصا وقد رأوا من سيرة رسولهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا تجسيما لروح المساواة هذه لقد كان الأمر في ذلك المجتمع الاسلامي وفي تلك الظروف والأوضاع المظلمة صعبا جدا ولكن عزيمة الأنبياء والرسل ومضيهم في أهدافهم وعدم تنازلهم قيد شعرة عما أمروا بتبليغه للناس جعل الأوضاع تتغير وتتبدل فإذا بالمرأة أو البنت التي كانت بالأمس عارا وشنارا على جبين أبويها أصبحت في ظل الإسلام وتشريعاته مصدر خير وبركة ويمن وتفاؤل بل إن أجر تربيتها وتعليمها والقيام بشؤونها يتجاوز الدنيا إلى الآخرة فمن الحديث الشريف (أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران ) رواه البخاري ومسلم وإن من يرزقه الله بنتين فيربيهما فيحسن تربيتهما ثم يزوجهما تكونان له جوازا لدخول الجنة ويشاء الله تعالى أن يرزق الرسول صلى الله عليه وسلم البنين والبنات فيموت الذكور ولا يبقى إلا الإناث فلا يتشاءم ويقول للناس: (أنا أب البنات وأحب من يحب البنات ) ولا عجب أن تكون لهذه التوجيهات كتابا وسنة في المجتمع الاسلامي الأثر الكبير فإذا بالمرأة تتعلم وتحرص على طلب العلم وتقف بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم وتطلب نصيبا من وقت الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت مبعوثة النساء لرسول الله عليه الصلاة والسلام (لقد غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما تعلمنا فيه أمور ديننا) فلا يملك إلا أن يستجيب و لطلب النساء لحقهن في التعلم ومعرفة أحكام الدين وقال الرسول صلى الله عليه وسلم يمدحهن فيقول (نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء من التفقه في الدين ) ويحاول بعض الآباء أن يزوجوا بناتهن بدون إذنهن فتحتج إحداهن لدى الرسول صلى الله عليه وسلم فيعطيها الحق فتقول (أمضيت أمر أبي وإنما أردت أن تعلم النساء ان ليس للآباء من الأمر شيء) لا عجب ان يحفظ تاريخ الإسلام للنساء مواقف خالدة في الذود عن حرمة الدين والتمسك به ومشاركة الرجل في الفضل والخير فما من ميدان تواجد فيه الرجل المسلم إلا وكانت المرأة المسلمة إلى جانبه تشاركه الأجر والفضل جنبا إلى جنب ولو كان الأمر في ساحات القتال فقد روى البخاري عن إحدى الصحابيات قالت (غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أخلُفُهم في رحالهم وأضع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى)



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.