مفاهيم إسلامية:مخاطر الشك والوسوسة وسوء الظن وآثارها السلبية على المسلمين

مفاهيم إسلامية:مخاطر الشك والوسوسة وسوء الظن وآثارها السلبية على المسلمين


إن ضبط الموازين لمعرفة قيمة المجتمعات والأفراد هو مدى اهتمام هذه المجتمعات بما يعني وما لا يعني، فالمجتمع الذي بلغ رشده وكمل نضجه هو ذلك المجتمع الذي لا يجد أ فراده من أوقاتهم الثمينة فراغا يضيعونه في الهدر والفراغات وتتبع عورات الناس وبعكسه ذلك المجتمع الذي عم الفراغ أوقات أفراده وعقولهم فالتفوا حول بعضهم حلقا في المقاهي والدكاكين والخلوات يتجرعون كؤوس الشاي والقهوة وأعراض الناس كأنهم خلقوا للعبث ولقتل أيام العمر بدون جدوى كأنهم يستمعوا للمولى سبحانه وتعالى الذي يقول في قوة وصراحة (قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون) وقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) نعم، إن القرآن الكريم والسنة النبوية الطاهرة يريدان من المسلم الحق أن يكون مثالا للفضيلة والحكمة والاتزان ويطلبان منه بكل إلحاح أن يستقبل الحياة وأبناء الحياة بنفس طاهرة وروح زكية وقلب مشرق بالأمل والحب حتى يتسنى له أن يألف ويؤلف وحتى يمكنه أن يبني علاقاته بإخوانه في الإنسانية على أساس الاحترام المتبادل وتقدير الأحوال والظروف. إن أعظم شيء يصدع وحدة الإخوان ويجعلها تقف أمام الأزمات وجها لوجه هو الإصاخة إلى وسوسة الشيطان وهمسات النفس وظنون السوء ولهذا نرى المولى سبحانه وتعالى ينادي عباده المؤمنين قائلا: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم..) ويقول في آية أخرى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) فها أنت أخي المسلم ترى أن دينك يريد منك إن تكون ذلك الشخص الرصين المتئد الذي لا تحركه النسمات الخفيفة ولا تعبث به العواطف الهوج وما سيرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه رضوان الله عنهم أجمعين إلا خير نبراس يضيء الطريق لنا وللأجيال عبر الحياة فقد كانوا يتحرون في أعراض إخوانهم مثلما يتحرون في أموالهم وان خيانة الأخ لأخيه في عرضه لا تقل عن خيانته له في ماله ومن لم يتق الله في عباده فلا يتقيه في ذاته سبحانه وتعالى لان التقوى الحقيقة متكاملة لا يتم جزء منها إلا بتمام الجزء الآخر وما قد يشاهده احدنا عند بعض الناس من وقوف عند حدود الله في واجب معين وتهور وتهاون في واجبات أخرى أو واجب آخر هو والحق يقال ليس من التقوى في شيء بل هو فلسفة شخصية يتخذها صاحبها لهدف يقصده هو قد يخفي سواه ولو تمكنت التقوى من قلبه وذاق حلاوتها لدفعته تقواه في مجالات الخير أيا كان نوعه ولا بعدته عن مقارنه الإثم مهما ضعف أثره وان الوازع الديني الذي قوى أثره في أسلافنا الكرام وضعف ويا للأسف عندنا هو وحده الذي حققوا به المعجزة الكبرى فقد كانوا كما وصفهم الله في كتابه العزيز (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا) وبهذه الشدة والرحمة في آن واحد أمكنهم أن يرهبوا العدو الذي يتربص بهم الدوائر، وان يؤلفوا شمل الأصدقاء والأقارب الذين هم الجناح الذي به تطير والأصل الذي إليه تصير كما قال ذلك علي كرم الله وجهه، ومنذ أن نشأ في مجتمعنا الشك وسوء الظن وضاعت أوقاتنا في القيل والقال، واشتغلنا بما لا يعنينا وأهملنا ما يرفع شاننا ويجدينا حل الشك محل اليقين وضاعت من قبضتنا الدنيا واقتفى أثرها الدين فإذا بالمسلمين (يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض) وإذا بعدوهم يغتنم الفرصة ويستغل الغفلة وينزل بهم الضربات القواصم ثم يحلق في دنيا النسور ويتركهم مثخنين بالجراح يتخبطون من اثر الهزيمة والطعن فما ضمدت الجروح واستعيد النشاط حتى بدلت الأرض غير الأرض والعباد غير العباد فشمروا على السواعد من جديد وانطلقوا في مجال السبق يرومون اللحاق بالقافلة الزاحفة الدائبة السير، وليس اللحاق بها من السهل الميسور إلا إذا عرفنا موطن الداء وابتعدنا عن أسباب الخطر وبنينا على الأساس الأول الصحيح القويم، والعاقل من اتعظ بغيره ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين فليحرص المجتمع الإسلامي الناشئ على رصيده الثمين وهو الأخوة والحب تلك الأخوة التي لا تتحقق إلا بالاحترام وحسن الظن وطيبة السرائر والتي حرص الإسلام على حمايتها من كل خطر وحفظها من كل مكروه لأنه يعلم أن بها يتحقق كل شيء وبدونها لا يتحقق شيء..

الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.