يــوم الجمعــــــــة أحكامــه وفضائلـــه: خطبة جمعية ألقيت بجامع مقرين العليا

يــوم الجمعــــــــة أحكامــه وفضائلـــه: خطبة جمعية ألقيت بجامع مقرين العليا


تتفاضل الأيام عند الله كما تتفاضل الأماكن والأشخاص ويوم الجمعة هو سيد الأيام وأفضلها، هو يوم عيد للمسلمين يتجدد كل أسبوع يسعون فيه إلى بيوت الله للتزود بخير زاد ويستجيبون فيه إلى نداء ربهم الذي جاء في الكتاب العزيز حيث يقول جل من قائل ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) الجمعة الآية 10 النداء لصلاة الجمعة هو الاذان وعند سماعه يجب على المسلم أن يسعى إلى ذكر الله الذي هو هنا في هذه الآية الكريمة حضور الجمعة بخطبتيها وركعتيها، وصلاة الجمعة لا تصلى إلا في المساجد فلا تصلى في البيوت ولا تصلى فرديا كما هو الحال بالنسبة للصلوات الخمس لمن لا يتيسر له صلاتها في جماعة وهو الأفضل والأكثر أجرا وثوابا والأرجى قبولا ينبغي على المسلم المكلف (العاقل البالغ الحر المقيم المعافى) أن يسعى لأداء صلاة الجمعة في المسجد الجامع مع المسلمين ويجب على المسلم أن يترك كل ما يمكن أن يشغله عن أداء صلاة الجمعة من بيع وشراء وسائر أنواع المعاملات ففي هذا السعي أداء للواجب وفيه الخير والبركة وفيه الصلاح والفلاح لأنه سعي للتزود بخير زاد (ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) إنه خير عاجل وآجل، خير نراه ولا نراه، خير شامل يشمل أفراد المسلمين وجماعاتهم فلقاء المسلمين كل أسبوع في كل يوم جمعة في بيت من بيوت الله التي لا يذكر فيها إلا اسمه على صعيد البر والتقوى فيه ما لا يحصى من الفوائد وتحقيق المصالح والتي أوضحها وأجلاها تلك الصلة التي تتمتن بين المسلمين على أساس من التصافي والتحابب والتعاون على البر والتقوى فيقوى ايمانهم وفي الحديث الشريف(ألا وان الإيمان يبلى كما يبلى الثوب فجددوا ايمانكم بملاقاة بعضكم البعض) ففي الجمعة اجتماع عام للمسلمين في بيت من بيوت الله للتزود بخير زاد (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) ولأن عبادات المسلمين مبنية على التخفيف والتيسير تراعي مصالح الناس وحاجاتهم فإن الله تبارك وتعالى جعلها لا تستغرق كل وقتهم فأباح لهم بعد قضاء هذه الشعيرة أن ينصرفوا وأن ينتشروا في الأرض طلبا للرزق وقضاء لحوائجهم (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) ولكنه انصراف لا يغفل فيه المؤمن عن ذكر الله في أي مكان يكون فيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم موصيا صاحبه أبا ذر رضي الله عنه ( يا أبا ذر اتق الله حيثما كنت) ولذلك قال جل من قائل (واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) فذكر الله فيه الصلاح والفلاح لأن في ذكر الله حضور دائم مع الله يمنع الذاكر من الوقوع فيما يغضب الله سبحانه وتعالى من قول أو فعل. وأعياد المسلمين وصلواتهم وسائر عباداتهم هي محطات للتزود بخير زاد في رحلة الحياة الشاقة المليئة بالفتن والمغريات وما ينسي ولذلك جعل الله للمسلم في يومه الواحد وفي أسبوعه وعامه ما يتلافى به كل ما يمكن أن يصدر عنه ومنه مما لا يرضي الله فتكون هذه الصلوات الخمس وصلاة الجمعة ورمضان والحج مكفرات للخطايا والذنوب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)مسلم فإذا كان لليهود يوما يعدونه أفضل أيامهم وللنصارى يوما يعدونه أفضل أيامهم فإن أفضل أيام المسلمين هو يوم الجمعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي) رواه أبو داود فالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعة من أفضل الطاعات في سائر الأوقات ولكنها في يوم الجمعة أفضل يقول جل من قائل (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) إن يوم الجمعة هو (خير يوم طلعت عليه الشمس فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه اخرج منها) رواه مسلم وترغيبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحصيل الأجر والثواب العميم لمن يتزود من هذا اليوم بخير زاد ويتقرب إلى الله بالطاعات وردت الأحاديث الصحاح فقد قال عليه الصلاة والسلام (من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصى فقد لغا) رواه مسلم فالأجر كبير والثواب العظيم الذي جعله الله للمسلمين في هذا اليوم المبارك هو غفران ما بين الجمعة والجمعة وزيادة ثلاثة أيام اشترط له رسول الله صلى الله عليه وسلم شروطا هي أن يكون على وضوء حسن أي صحيح ثم إن السعي إلى الجمعة ينبغي أن يكون في سكينة وطمأنينة وتعظيم لشعائر الله ثم استماع ومعه إنصات أي باهتمام ومتابعة ورغبة صادقة في تحصيل الأجر والثواب ولا يكون كذلك إلا متى ابتعد الساعي إلى الجمعة لتحصيل أجرها العظيم وثوابها الكبير عن كل ما يشغل عن اداء هذه العبادة أو يعكر صفوها ويذهب بالإخلاص فيها من قول أو فعل حتى ولو كان مس الحصى وهل في مس الحصى شيء أو ضرر؟ ومع ذلك فإن المؤمن حال أدائه لصلاة الجمعة عند استماعه وإنصاته لخطبتي الجمعة وعند أدائه لركعتي الجمعة لا ينبغي له أن ينشغل بغير ما جاء من أجله: مس الحصى وما فوق ذلك من قول أو فعل أيا كان هذا القول والفعل حتى ولو كان من قبيل الطاعات والقربات وفي يوم الجمعة ساعة يستجاب فيها الدعاء أخفاها الله بين ساعات يوم الجمعة كما أخفى ليلة القدر بين ليالي شهر رمضان وكما أخفى اسمه الأعظم بين أسمائه الحسنى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه الله إياها) رواه البخاري وقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلل من هذه الساعة فعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ساعة الجمعة؟ قال: قلت: نعم سمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة) رواه مسلم وللجمعة مستحبات وسنن من حافظ عليها وبادر إليها كان له الأجر العظيم والثواب الكبير فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر) أخرجه البخاري والوضوء كاف ولكن إذا اغتسل الساعي لأداء صلاة الجمعة فالغسل أفضل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل) رواه أبو داود وقال عليه الصلاة والسلام (لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج لا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى) أخرجه البخاري وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ترك الجمعة والتقاعس عن أدائها وعدم السعي إليها وورد في أحاديثه وعيد شديد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين) أخرجه مسلم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه) رواه أبو داود والترمذي كما وردت أحاديث نبوية عديدة مبشرات مرغبات للمؤمنين من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بما أعده لهم ربهم في هذا اليوم المبارك والذي قال فيه عليه السلام (لا تطلع الشمس ولا تغرب على يوم أفضل من يوم الجمعة وما من دابة إلا وهي تفزع ليوم الجمعة إلا هذين الثقلين من الجن والإنس) رواه داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا كان يوم القيامة رأى المؤمنون ربهم فأحدثهم عهدا بالنظر إليه من يكر في كل جمعة) رواه الدارقطني وقال (ما من الصلوات أفضل من صلاة الفجر يوم الجمعة في الجماعة وما أحسب من شهدها إلا مغفورا له) رواه البزار وقال (ما من مسلم يموت ليلة الجمعة أو يوم الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر) رواه أحمد وقال (من مات يوم الجمعة وقي عذاب القبر) ذكره الهيثمي وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإكثار فيه من الصلاة على النبي ليلة الجمعة ويومها (أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة) رواه البيهقي وتستحب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة وليلة الجمعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قرأ سورة الجمعة في يوم الجمعة أضاء له من النور بين الجمعتين وفي رواية من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدميه إلى عنان السماء يضيء به يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين) الترغيب والترهيب وكنز العمال يندب في يوم الجمعة التبكير إلى صلاة الجمعة والإنصات إلى الإمام (فالذي يقول لصاحبه أنصت فلا جمعة له) رواه أحمد ويستحب تجمير المسجد وهو التبخير وقد كان سيدنا عمر رضي الله عنه يجمر المسجد وتستحب الصدقة يوم الجمعة كما تستحب عيادة المريض وشهود النكاح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من صلى الجمعة وصام يومه وعاد مريضا وشهد جنازة وشهد نكاحا وجبت له الجنة) رواه الهيثمي كما يستحب يوم الجمعة زيارة القبور قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة غفر له وكتب برا) رواه الطبراني وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس وليلة جمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم) رواه أحمد ويستحب في هذا اليوم قص الظفر وتهذيب الشعر فقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقلم أظافره ويقص شاربه يوم الجمعة. ويستحب لبس أحسن اللباس وخصوصا الأبيض لقوله عليه الصلاة والسلام (البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم) رواه الترمذي ويستحب التطيب لصلاة الجمعة وذلك لتنتشر الرائحة الطيبة ويستحب الإكثار من الدعاء يومها وليلتها لقوله عليه الصلاة والسلام (فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه) ويوم الجمعة يوم مبارك فهو يوم العتق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن يوم الجمعة وليلة الجمعة أربع وعشرون ساعة ليس فيها ساعة إلا ولله فيها ستمائة عتيق من النار كلهم قد استوجبوا النار) ذكره الهيثمي ويوم الجمعة هو يوم المغفرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله تبارك وتعالى ليس بتارك أحدا من المسلمين يوم الجمعة إلا غفر له) ذكره الهيثمي

الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.